responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 73
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 44] .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِيمَانَ سَبَبٌ جَالِبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَكُلُّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَسَبَبُهُ الْإِيمَانُ، وَكُلُّ شَرٍّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَسَبَبُهُ عَدَمُ الْإِيمَانِ، فَكَيْفَ يَهُونُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَرْتَكِبَ شَيْئًا يُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَلَكِنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَائِرَةِ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَرِينَ عَلَى قَلْبِهِ، فَيُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمِنْ هَاهُنَا اشْتَدَّ خَوْفُ السَّلَفِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْتُمْ تَخَافُونَ الذُّنُوبَ، وَأَنَا أَخَافُ الْكُفْرَ.

[فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُضْعِفُ الْقَلْبَ]
فَصْلٌ
الْمَعَاصِي تُضْعِفُ الْقَلْبَ
وَمِنْ عُقُوبَتِهَا: أَنَّهَا تُضْعِفُ سَيْرَ الْقَلْبِ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، أَوْ تَعُوقُهُ أَوْ تُوقِفُهُ وَتَقْطَعُهُ عَنِ السَّيْرِ، فَلَا تَدَعُهُ يَخْطُو إِلَى اللَّهِ خُطْوَةً، هَذَا إِنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَنْ وُجْهَتِهِ إِلَى وَرَائِهِ، فَالذَّنْبُ يَحْجِبُ الْوَاصِلَ، وَيَقْطَعُ السَّائِرَ، وَيُنَكِّسُ الطَّالِبَ، وَالْقَلْبُ إِنَّمَا يَسِيرُ إِلَى اللَّهِ بِقُوَّتِهِ، فَإِذَا مَرِضَ بِالذُّنُوبِ ضَعُفَتْ تِلْكَ الْقُوَّةُ الَّتِي تُسَيِّرُهُ، فَإِنْ زَالَتْ بِالْكُلِّيَّةِ انْقَطَعَ عَنِ اللَّهِ انْقِطَاعًا يَبْعُدُ تَدَارُكُهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
فَالذَّنْبُ إِمَّا يُمِيتُ الْقَلْبَ، أَوْ يُمْرِضُهُ مَرَضًا مُخَوِّفًا، أَوْ يُضْعِفُ قُوَّتَهُ وَلَا بُدَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ ضَعْفُهُ إِلَى الْأَشْيَاءِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي اسْتَعَاذَ مِنْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ: « [الْهَمُّ، وَالْحَزَنُ، وَالْعَجْزُ، وَالْكَسَلُ، وَالْجُبْنُ، وَالْبُخْلُ، وَضَلَعُ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةُ الرِّجَالِ] » وَكُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهَا قَرِينَانِ.
فَالْهَمُّ وَالْحَزَنُ قَرِينَانِ: فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ الْوَارِدَ عَلَى الْقَلْبِ إِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ يَتَوَقَّعُهُ أَحْدَثَ الْهَمَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مَاضٍ قَدْ وَقَعَ أَحْدَثَ الْحَزَنَ.
وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ قَرِينَانِ: فَإِنْ تَخَلَّفَ الْعَبْدُ عَنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالْفَلَاحِ، إِنْ كَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ الْعَجْزُ، وَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ إِرَادَتِهِ فَهُوَ الْكَسَلُ.
وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ قَرِينَانِ: فَإِنَّ عَدَمَ النَّفْعِ مِنْهُ إِنْ كَانَ بِبَدَنِهِ فَهُوَ الْجُبْنُ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ فَهُوَ الْبُخْلُ.
وَضَلَعُ الدَّيْنِ وَقَهْرُ الرِّجَالِ قَرِينَانِ: فَإِنَّ اسْتِعْلَاءَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ بِحَقٍّ فَهُوَ مِنْ ضَلَعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِبَاطِلٍ فَهُوَ مِنْ قَهْرِ الرِّجَالِ.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست