responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 237
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سُورَةُ الرُّومِ: 21] .
فَجَعَلَ الْمَرْأَةَ سَكَنًا لِلرَّجُلِ، يَسْكُنُ قَلْبُهُ إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا خَالِصَ الْحُبِّ، وَهُوَ الْمَوَدَّةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالرَّحْمَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى عُقَيْبَ ذِكْرِهِ مَا أُحِلَّ لَنَا مِنَ النِّسَاءِ وَمَا حُرِّمَ مِنْهُنَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا - يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 26 - 28] .
ذَكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ: كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى النِّسَاءِ لَمْ يَصْبِرْ.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى زَيْنَبَ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، وَقَالَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عِدَّةُ فَوَائِدَ:
مِنْهَا: الْإِرْشَادُ إِلَى التَّسَلِّي عَنِ الْمَطْلُوبِ بِجِنْسِهِ، كَمَا يَقُومُ الطَّعَامُ مَكَانَ الطَّعَامِ، وَالثَّوْبُ مَقَامَ الثَّوْبِ.
وَمِنْهَا: الْأَمْرُ بِمُدَاوَاةِ الْإِعْجَابِ بِالْمَرْأَةِ الْمُوَرِّثِ لِشَهْوَتِهَا بِأَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ، وَهُوَ قَضَاءُ وَطَرِهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَذَلِكَ يَنْقُضُ شَهْوَتَهُ لَهَا، وَهَذَا كَمَا أَرْشَدَ الْمُتَحَابِّينَ إِلَى النِّكَاحِ، كَمَا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مَرْفُوعًا: «لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مِثْلُ النِّكَاحِ» .
فَنِكَاحُ الْمَعْشُوقَةِ هُوَ دَوَاءُ الْعِشْقِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ دَوَاءً شَرْعًا، وَقَدْ تَدَاوَى بِهِ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَرْتَكِبْ نَبِيُّ اللَّهِ مُحَرَّمًا، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَضَمَّهَا إِلَى نِسَائِهِ لِمَحَبَّتِهِ لَهَا، وَكَانَتْ تَوْبَتُهُ بِحَسَبِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ، وَلَا يَلِيقُ بِنَا الْمَزِيدُ عَلَى هَذَا.
وَأَمَّا قِصَّةُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: فَزَيْدٌ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَمْ تُوَافِقْهُ، وَكَانَ يَسْتَشِيرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِرَاقِهَا، وَهُوَ يَأْمُرُهُ بِإِمْسَاكِهَا، فَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مُفَارِقُهَا لَا بُدَّ، فَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا إِذَا فَارَقَهَا زَيْدٌ، وَخَشِيَ مَقَالَةَ النَّاسِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ تَبَنَّى زَيْدًا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَالرَّبُّ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يُشَرِّعَ شَرْعًا عَامًّا فِيهِ مَصَالِحُ عِبَادِهِ، فَلَمَّا طَلَّقَهَا زَيْدٌ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ، أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ، فَجَاءَ زَيْدٌ وَاسْتَدْبَرَ

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست