responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 208
{مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، فَكَيْفَ أَخَافُ مَنْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِ غَيْرِهِ، وَهُوَ فِي قَهْرِهِ وَقَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ دُونَهُ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ أَجْهَلِ الْجَهْلِ، وَأَقْبَحِ الظُّلْمِ؟
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَكُلُّ مَا يَقْضِيهِ وَيُقَدِّرُهُ فَلَا يَخَافُ الْعَبْدُ جَوْرَهُ وَلَا ظُلْمَهُ، فَلَا أَخَافُ مَا دُونَهُ، فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِهِ، وَلَا أَخَافُ جَوْرَهُ وَظُلْمَهُ، فَإِنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَاضٍ فِي عَبْدِهِ حُكْمُهُ، عَدْلٌ فِيهِ قَضَاؤُهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَلَا يَخْرُجُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي عِبَادِهِ عَنِ الْعَدْلِ وَالْفَضْلِ، إِنْ أَعْطَى وَأَكْرَمَ وَهَدَى وَوَفَّقَ فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ مَنَعَ وَأَهَانَ وَأَضَلَّ وَخَذَلَ وَأَشْقَى فَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فِي هَذَا وَهَذَا.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَا أَصَابَ عَبْدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرَتْ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ: أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهُنَّ؟ قَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» .
وَهَذَا يَتَنَاوَلُ حُكْمَ الرَّبِّ الْكَوْنِيَّ وَالْأَمْرِيَّ وَقَضَاءَهُ الَّذِي يَكُونُ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَكِلَا الْحُكْمَيْنِ مَاضٍ فِي عَبْدِهِ، وَكِلَا الْقَضَائَيْنِ عَدْلٌ فِيهِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَقٌّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، بَيْنَهُمَا أَقْرَبُ نَسَبٍ.

[فَصْلٌ عِشْقُ الصُّوَرِ]
فَصْلٌ
عِشْقُ الصُّوَرِ
وَنَخْتِمُ الْجَوَابَ بِفَصْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِعِشْقِ الصُّوَرِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَافَ مَا ذَكَرَهُ ذَاكِرٌ، فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْقَلْبَ بِالذَّاتِ، وَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ؛ فَسَدَتِ الْإِرَادَاتُ وَالْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ، وَفَسَدَ ثَغْرُ التَّوْحِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَمَا سَنُقَرِّرُهُ أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّمَا حَكَى هَذَا الْمَرَضَ عَنْ طَائِفَتَيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ اللُّوطِيَّةُ وَالنِّسَاءُ، فَأَخْبَرَ عَنْ عِشْقِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ، وَمَا رَاوَدَتْهُ وَكَادَتْهُ بِهِ، وَأَخْبَرَ عَنِ الْحَالِ الَّتِي صَارَ إِلَيْهَا يُوسُفُ بِصَبْرِهِ وَعِفَّتِهِ وَتَقْوَاهُ، مَعَ أَنَّ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ أَمْرٌ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ صَبَّرَهُ

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست