responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 189
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 51] .
وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سُورَةُ الْجَاثِيَةِ: 10] .
فَإِذَا وَالَى الْعَبْدُ رَبَّهُ وَحْدَهُ أَقَامَ لَهُ الشُّفَعَاءَ، وَعَقَدَ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَصَارُوا أَوْلِيَاءَهُ فِي اللَّهِ، بِخِلَافِ مَنِ اتَّخَذَ مَخْلُوقًا وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ.
فَهَذَا لَوْنٌ وَذَاكَ لَوْنٌ، كَمَا أَنَّ الشَّفَاعَةَ الشَّرِكِيَّةَ الْبَاطِلَةَ لَوْنٌ، وَالشَّفَاعَةَ الْحَقَّ الثَّابِتَةَ الَّتِي إِنَّمَا تُنَالُ بِالتَّوْحِيدِ لَوْنٌ، وَهَذَا مَوْضِعُ فُرْقَانٍ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَأَهْلِ الْإِشْرَاكِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ حَقِيقَةَ الْعُبُودِيَّةِ لَا تَحْصُلُ مَعَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ فِي الْمَحَبَّةِ، بِخِلَافِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ، فَإِنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الْعُبُودِيَّةِ وَمُوجِبَاتِهَا، فَإِنَّ مَحَبَّةَ الرَّسُولِ - بَلْ تَقْدِيمُهُ فِي الْحُبِّ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ - لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهَا، إِذْ مَحَبَّتُهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ حُبٍّ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ» .
وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ» .
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ فِي اللَّهِ إِلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ» .
فَإِنَّ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ مِنْ لَوَازِمِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُوجِبَاتِهَا، وَكُلَّمَا كَانَتْ أَقْوَى كَانَ أَصْلُهَا كَذَلِكَ.

[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمَحَبَّةِ]
فَصْلٌ
أَنْوَاعُ الْمَحَبَّةِ
وَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَحَبَّةِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا، وَإِنَّمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهَا.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست