responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 161
الْأَكَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّوْمِ فَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ، فَقَالَ: أَنَا مَوْقُوفٌ عَلَى كَلِمَةٍ قُلْتُهَا، قُلْتُ: مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى غَيْثٍ، فَقِيلَ لِي: وَمَا يُدْرِيكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ بِمَصْلَحَةِ عِبَادِي.
وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِجَارِيَتِهِ يَوْمًا: هَاتِي السُّفْرَةَ نَعْبَثُ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، مَا أَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَخْطُمُهَا وَأَزُمُّهَا إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَةَ خَرَجَتْ مِنِّي بِغَيْرِ خِطَامٍ وَلَا زِمَامٍ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَأَيْسَرُ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ حَرَكَةُ اللِّسَانِ وَهِيَ أَضَرُّهَا عَلَى الْعَبْدِ.
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ هَلْ يُكْتَبُ جَمِيعُ مَا يُلْفَظُ بِهِ أَوِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فَقَطْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، وَكَانَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُمْسِكُ عَلَى لِسَانِهِ وَيَقُولُ: هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ، وَالْكَلَامُ أَسِيرُكَ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ فِيكَ صِرْتَ أَنْتَ أَسِيرَهُ، وَاللَّهُ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} .
وَفِي اللِّسَانِ آفَتَانِ عَظِيمَتَانِ، إِنْ خَلَصَ الْعَبْدُ مِنْ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَخْلُصْ مِنَ الْأُخْرَى: آفَةُ الْكَلَامِ، وَآفَةُ السُّكُوتِ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الْأُخْرَى فِي وَقْتِهَا، فَالسَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ، عَاصٍ لِلَّهِ، مُرَاءٍ مُدَاهِنٌ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ، وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مُنْحَرِفٌ فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ فَهُمْ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ، وَأَهْلُ الْوَسَطِ - وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ - كَفُّوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ الْبَاطِلِ، وَأَطْلَقُوهَا فِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ نَفْعُهُ فِي الْآخِرَةِ، فَلَا تَرَى أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ تَذْهَبُ عَلَيْهِ ضَائِعَةً بِلَا مَنْفَعَةٍ، فَضْلًا أَنَ تَضُرَّهُ فِي آخِرَتِهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا عَلَيْهِ كُلَّهَا، وَيَأْتِي بِسَيِّئَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ.

[فَصْلٌ الْخُطْوَةُ]
الْخُطْوَةُ وَأَمَّا الْخُطُوَاتُ: فَحِفْظُهَا بِأَنْ لَا يَنْقِلَ قَدَمَهُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خُطَاهُ مَزِيدُ ثَوَابٍ، فَالْقُعُودُ عَنْهَا خَيْرٌ لَهُ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مِنْ كُلِّ مُبَاحٍ يَخْطُو إِلَيْهِ قُرْبَةً يَنْوِيهَا لِلَّهِ، فَتَقَعُ خُطَاهُ قُرْبَةً.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست