responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 128
وَيُوَحَّدَ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَالطَّاعَةُ كُلُّهَا لَهُ، وَالدَّعْوَةُ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سُورَةُ الذَّارِيَاتِ: 56] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: 85] .
وَقَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطَّلَاقِ: 12] .
وَقَالَ تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 97] .
فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْخَلْقِ وَالْأَمْرِ: أَنْ يُعْرَفَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَيُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكَ بِهِ، وَأَنْ يَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ الَّذِي قَامَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الْحَدِيدِ: 25] .
فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَهُوَ الْعَدْلُ، وَمِنْ أَعْظَمِ الْقِسْطِ التَّوْحِيدُ، وَهُوَ رَأْسُ الْعَدْلِ وَقِوَامُهُ، وَإِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، فَالشِّرْكُ أَظْلَمُ الظُّلْمِ، وَالتَّوْحِيدُ أَعْدَلُ الْعَدْلِ، فَمَا كَانَ أَشَدَّ مُنَافَاةً لِهَذَا الْمَقْصُودِ فَهُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، وَتَفَاوُتُهَا فِي دَرَجَاتِهَا بِحَسَبِ مُنَافَاتِهَا لَهُ، وَمَا كَانَ أَشَدَّ مُوَافَقَةً لِهَذَا الْمَقْصُودِ فَهُوَ أَوْجَبُ الْوَاجِبَاتِ وَأَفْرَضُ الطَّاعَاتِ.
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْأَصْلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَاعْتَبِرْ تَفَاصِيلَهُ تَعْرِفْ بِهِ حِكْمَةَ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْلَمِ الْعَالِمِينَ فِيمَا فَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، وَتَفَاوُتَ مَرَاتِبِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي.
فَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ مُنَافِيًا بِالذَّاتِ لِهَذَا الْمَقْصُودِ كَانَ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ مُشْرِكٍ، وَأَبَاحَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَأَهْلَهُ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ عَبِيدًا لَهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الْقِيَامَ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَأَبَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُشْرِكٍ عَمَلًا أَوْ يَقْبَلَ فِيهِ

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست