responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 122
كُلِّ شَهْوَةٍ تُعَارِضُ أَمْرَهُ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ إِرَادَةٍ تُزَاحِمُ مُرَادَهُ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ يَقْطَعُ عَنِ اللَّهِ، فَهَذَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ فِي جَنَّةٍ مُعَجَّلَةٍ فِي الدُّنْيَا، وَفِي جَنَّةٍ فِي الْبَرْزَخِ، وَفِي جَنَّةِ يَوْمِ الْمَعَادِ.
سَلَامَةُ الْقَلْبِ
وَلَا تَتِمُّ لَهُ سَلَامَتُهُ مُطْلَقًا حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ شِرْكٍ يُنَاقِضُ التَّوْحِيدَ، وَبِدْعَةٍ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَشَهْوَةٍ تُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَغَفْلَةٍ تُنَاقِضُ الذِّكْرَ، وَهَوًى يُنَاقِضُ التَّجْرِيدَ وَالْإِخْلَاصَ.
وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حُجُبٌ عَنِ اللَّهِ، وَتَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، تَتَضَمَّنُ أَفْرَادًا لَا تَنْحَصِرُ.
الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ
وَلِذَلِكَ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الْعَبْدِ بَلْ ضَرُورَتُهُ، إِلَى أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحْوَجَ مِنْهُ إِلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا.
فَإِنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ يَتَضَمَّنُ: عُلُومًا، وَإِرَادَةً، وَأَعْمَالًا، وَتُرُوكًا ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً تَجْرِي عَلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ، فَتَفَاصِيلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ قَدْ يَعْلَمُهَا الْعَبْدُ وَقَدْ لَا يَعْلَمُهَا، وَقَدْ يَكُونُ مَا لَا يَعْلَمُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُهُ، وَمَا يَعْلَمُهُ قَدْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَدْ تُرِيدُهُ نَفْسُهُ وَقَدْ لَا تُرِيدُهُ كَسَلًا وَتَهَاوُنًا، أَوْ لِقِيَامِ مَانِعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا تُرِيدُهُ قَدْ يَفْعَلُهُ وَقَدْ لَا يَفْعَلُهُ، وَمَا يَفْعَلُهُ قَدْ يَقُومُ فِيهِ بِشُرُوطِ الْإِخْلَاصِ وَقَدْ لَا يَقُومُ، وَمَا يَقُومُ فِيهِ بِشُرُوطِ الْإِخْلَاصِ قَدْ يَقُومُ فِيهِ بِكَمَالِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ لَا يَقُومُ، وَمَا يَقُومُ فِيهِ بِالْمُتَابَعَةِ قَدْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ وَقَدْ يُصْرَفُ قَلْبُهُ عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ وَاقِعٌ سَارٍ فِي الْخَلْقِ، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ.
وَلَيْسَ فِي طِبَاعِ الْعَبْدِ الْهِدَايَةُ إِلَى ذَلِكَ، بَلْ مَتَى وُكِلَ إِلَى طِبَاعِهِ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهَذَا هُوَ الْإِرْكَاسُ الَّذِي أَرْكَسَ اللَّهُ بِهِ الْمُنَافِقِينَ بِذُنُوبِهِمْ، فَأَعَادَهُمْ إِلَى طِبَاعِهِمْ وَمَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ نُفُوسُهُمْ مِنَ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، وَالرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فِي قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَنَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَجَعْلِهِ الْهِدَايَةَ حَيْثُ تَصْلُحُ، وَيَصْرِفُ مَنْ يَشَاءُ عَنْ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ الْمَحَلِّ، وَذَلِكَ مُوجِبُ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَصَبَ لِخَلْقِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا يُوصِلُهُمْ إِلَيْهِ، فَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وَنَصَبَ لِعِبَادِهِ مِنْ أَمْرِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا دَعَاهُمْ جَمِيعًا إِلَيْهِ حُجَّةً مِنْهُ وَعَدْلًا، وَهَدَى

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست