responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 3
فهذه الآيات جامعة لوجوه البيان الذي امتن به عز وجل، على الناطقين من خلقه وفضلهم به على سائر الحيوان، فضلا منه تعالى يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ووجدناه عز وجل قد عدد في عظيم نعمه على من ابتدأ اختراعه من النوع الانسى تعلمه أسماء الأشياء؛ فقال تعالى: " {وعلم آدم الأسماء كلها} (31 البقرة: [3]) وهو الذي بانت به الملائكة والإنس والجن من سائر النفوس الحية، وهو البيان عن جميع الموجودات، على اختلاف وجوهها، وبيان معانيها، التي من أجل اختلافها وجب أن تختلف اسمتؤها، ومعرفة وقوع المسميات تحت الأسماء فمن جهل مقدار هذه النعمة عند نفسه، وسائر نوعه، ولم يعرف موقعها لديه، لم يكن يفضل البهائم إلا في الصورة؛ فلله الحمد على ما علم وآتى، لا إله إلا هو. ومن لم يعلم صفات الأشياء المسميات، الموجبة لافتراق أسمائها ويحد كل ذلك بحدودها، فقد جهل مقدار هذه النعمة النفيسة، ومر عليها غافلا عن معرفتها، معرضا عنها، ولم يخب خيبة يسيرة بل جليلة جدا.
فان قال جاهل: فهل تكلم أحد من السلف الصالح في هذا؟ قيل له: إن هذا العلم مستقر في نفس كل ذي [[2]ظ] لب، فالذهن الذكي واصل بما مكنه الله تعالى فيه من الفهم، إلى فوائد هذا العلم، والجاهل منكسع كالأعمى حتى ينبه عليه، وهكذا سائر العلوم. فما تكلم أحد من السلف الصالح، رضى الله عنهم، في مسائل النحو، لكن لما فشا جهل الناس، باختلاف الحركات التي باختلافها اختلفت المعاني في اللغة العربية، وضع العلماء كتب النحو، فرفعوا إشكالا عظيمة، وكان ذلك معينا على الفهم لكلام الله عز وجل، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان من جهل ذلك ناقص الفهم عن ربه تعالى، فكان هذا من فعل العلماء حسنا وموجبا لهم أجرا. وكذلك القول في تواليف كتب العلماء في اللغة والفقه؛ فان السلف الصالح غنوا عن ذلك كله بما آتاهم الله به من الفضل ومشاهدة النبوة، وكان من بعدهم فقراء إلى ذلك كله، يرى ذلك حسا ويعلم نقص من لم يطالع هذه العلوم ولم يقرأ هذه الكتب وأنه قريب النسبة من البهائم، وكذلك هذا العلم فان من جهله خفي عليه بناء كلام الله عز وجل مع كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاز

انه لم يكن قد اخذ في تأليفها حينئذ وإنما حدد لنفسه منهجا هنالك.
ويقول ابن حزم في التقريب: " وما ألفنا كتابنا هذا وكثيرا مما ألفنا إلا ونحن مغربون مبعدون عن الموطن والأهل والولد مخافون مع ذلك في أنفسنا ظلما وعدوانا " [1] . وهذا القول على ما فيه من فائدة لا يحدد شيئا دقيقا وإنما هو ينبئنا بأن التقريب كغيره من سائر مؤلفات ابن حزم كتبت بعد مفارقة قرطبة وبدء التنقل في بلدان الأندلس.
وفي التقريب إشارات هامة تومئ إلى التوقيت الزمني، وهي:
1 - يروى ابن حزم حكاية عن مؤدبه احمد بن محمد بن عبد الوارث، ويترحم عليه [2] ولكنا للأسف لا نستطيع الاستفادة من هذه الحقيقة لأني لم اعثر على تاريخ لوفاة هذا الرجل.
2 - يتحدث ابن حزم في الكتاب عن حادث اعتقاله على يد المستكفي [3] لان ابن حزم كان يوالي المستظهر وقد تم هذا في سنة 414 أو أواخر 413 في اكثر تقدير.
3 - يذكر ان صديقه ابن شهيد ألف كتابا في علم البلاغة أثناء كتابته هو لكتاب التقريب [4] وقد توفي ابن شهيد سنة 426 وتعطل عن الأليف قبل ذلك بعام أو اكثر. وهذا يعين أن كتاب التقريب أو بعض فصول منه كتب قبل ذلك.
ونضيف إلى هذه الإشارات قول صاعد: " وكان ابنه الفقيه أبو محمد وزيرا لعبد الرحمن المستظهر؟ ثم نبذ هذه الطريقة وأقبل على قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن فعني بعلم المنطق؟ وأوغل بهد هذا في الاستكثار من علوم الشريعة " [5] فهو لم يبدأ دراساته حسب قول صاعد إلا بعد سنة 414، وكان المنطق من أول العلوم التي أقبل عليها.. " وبعد " ذلك أوغل في علوم الشريعة مستكثرا منها، وكل هذه الشواهد مجتمعة تجعل تاريخ للتقريب بعد عام 415 وقبل عام 425هـ.
3 - دواعي تأليفه
قضى ابن حزم جانبا من شبابه وهو يطلب العلم في قرطبة حتى سنة 401. وقد أثر في نفسه في ذلك الدور المبكر من حياته ما سمع بعض الأغرار يقولونه في المنطق والعلوم

[1] التقريب: 200
[2] التكملة: 790؛ والجذوة: 99
[3] التقريب: 192
[4] التقريب: 204
[5] طبقات الأمم: 76
نام کتاب : التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست