responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 484
غير قابلة للتطبيق؟ وإذن فلماذا لا نكون "واقعيين" ونتعامل مع الواقع البشري كما هو؟ أي: بغير مثل وبغير قيم؟!
وكانت هذه بداية موجة جديدة من الانحدار على المنزلق ... فإننا إذا سلمنا بالواقع الموجود اليوم على أنه هو الواقع الذي لا يمكن أن يوجد أفضل منه، فما الذي يمنع هذا الواقع أن ينحدر غدا إلى هوة جديدة، ثم ما الذي يمنعنا من مجاراته في الهبوط بحجة الواقعية؟!
إن الذي يمنع من هذا شيء واحد. هو وجود القيم الأصيلة التي نقيس إليها أفعالنا ومستوانا، لنعرف عل ضوئها أهابطون نحن أم مرتفعون.. فإذا وجدنا أننا هبطنا حاولنا أن نوقف هبوطنا ونصعد من جديد.. أما في غياب الميزان فما المعيار؟ إن الواقعية ليست معيارا يقاس إليه أي شيء, ما دامت تعتبر الواقع هو المقياس؟ والناس إذا أفلتت أيديهم من خيط الصعود الذي يشدهم إلى أعلى فلا بد أن تهبط بهم ثقلة الشهوات وجواذب الأرض فيزداد واقعهم هبوطا على الدوام.. وما دام معيارنا هو الواقع. فسيظل المعيار ذاته يهبط مع هبوط الإنسان! ونظل نحن -بحجة الواقعية- نتابع الهبوط.
لقد كان القرن التاسع عشر "واقعيا" فنبذ القيم التي سماها مثالية -بمعنى غير واقعية- واعتبرها ترفا عقليا لا تطيقه طبيعة الحياة ...
وكانت نتيجة ذلك هي القرن العشرين! قرن التفلت من القيود كلها، والهبوط إلى الحمأة التي يستعفف عنها الحيوان!
وذلك أمر معروف من التاريخ وإن جادلت فيه الجاهلية المعاصرة، وهي ليست أول جاهلية تجادل في الحق وتنكر البديهيات! إن أي جيل من أجيال البشرية أنكر القيم الإنسانية لم يقف حيث كان يوم أنكرها، إنما ازداد هبوطا.. حتى أدركه الدمار!
ولنستعرض خط العلمانية مع الأخلاق من أوله لنعلم مدى الهبوط..
ولنبدأ بالمفهوم الحقيقي للأخلاق، الذي كانت تؤمن به أوروبا ذات يوم ثم ظلت تتخلى عنه خطوة خطوة وهي تسير مع الشيطان.
إن الأخلاق "ميثاق" شامل.. يشمل كل أعمال الإنسان.
{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ، وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ، وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست