responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 462
الأسرة تشريد الأطفال والفوضى الجنسية.. إلخ ونسبة ذلك إلى التطور الذي يهدم ما يشاء من القيم ويلغي ما يشاء!
وكانت الطامة العظمى هي الداروينية وإبعاد الإنسان ذاته من عالم الإنسان وإلحاقه بعالم الحيوان، فعندئذ لم تعد هناك حاجة إلى القيم أصلا ... لا الدين ولا الأخلاق ولا التقاليد المستمدة من الدين.. فما حاجة الإنسان إلى شيء من ذلك وهو عريق في الحيوانية مستقر في عالم الحيوان؟
ثم أتى على الإنسان حين من الدهر لم يعد حتى حيوانا! بل هبط عن ذلك دركات فأصبح جزءا من عالم المادة الصماء!
لم نكن هنا نستعرض خطوات العلمانية بالتفصيل، فسيأتي شيء من ذلك فيما بعد حين نتحدث عن علمانية السياسة وعلمانية الاقتصاد والاجتماع والعلم والأخلاق والفن.. ولكنا أردنا فقط أن نلفت النظر إلى حقيقة واقعة هي استمرار "الإنسان" في الهبوط كلما أمعن في السير على الخط العلماني.
وأيا تكن الأسباب التي أدت بأوروبا إلى العلمانية فهي كما قلنا من قبل تفسر العلمانية ولا تبررها، ولا تبرر بالطبع نتائجها التي أدت إليها، والتي بدأ المفكرون الغربيون أنفسهم يتنبهون إليها وينذرون نتائجها، ولكن دون أن يعرجوا على السبب الحقيقي ولا العلاج الحقيقي!
ولئن كانت الكنيسة هي المعتدية على الملوك والعلماء في بادئ الأمر، مما أسفر عن العداء بين الدين والسياسة وبين الدين والعلم، فلم تكن هي المعتدية ولا المتسببة حين أقامت الثورة الصناعية اقتصادياتها على الربا ولجت فيه، وحين سقطت "الأخلاق" واحدا إثر الآخر. حتى الأخلاق التي أقرها "المفكرون الأحرار" في مبدأ عهدهم وهم يناصبون الكنيسة العداء، ويبحثون عن مصدر آخر للقيم غير الدين!
إنما استمرأ القوم الفوضى الخلقية وأمعنوا فيها لا للدوافع القديمة التي دفعتهم للخروج على الدين أول مرة، ولكن لأن هذه هي طبيعة السير على المنزلق.. كل خطوة تصبح أشد هبوطا من السابقة.. وهذه طبيعة الحياة حين يكف الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. يزداد المنكر وينتفش ويستفحل حتى يصبح هو الأصل، أو حتى يصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن أجل ذلك لعن الذين

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 462
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست