responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 46
والأمراء على سلطة البابا. ويشتد آخرون في حربهم للبابوات, حتى إنهم ليعزلون البابا أو ينفونه أو يسجنونه! ولكن السلطة الغالبة كانت للكنيسة، تستمدها من سلطانها الروحي الطاغي على قلوب الناس، ومن جيوشها الكثيفة ومن أموالها التي تضارع ما يملكه الملوك وأمراء الإقطاع!
يروي "فيشر" قصة الصراع بين الباب هلدبراند وهنري الرابع إمبراطور ألمانيا فيقول: ".. ذلك أن خلافًا نشب بينهما "بين الباب والإمبراطور" حول مسألة "التعيينات" أو ما يسمى "التقليد العلماني" فحاول الإمبراطور أن يخلع البابا ورد البابا بخلع الإمبراطور وحرمه وأحل أتباعه والأمراء من ولائهم له وألبهم عليه، فعقد الأمراء مجمعًا قرروا فيه أنه إذا لم يحصل الإمبراطور على المغفرة لدى وصول الباب إلى ألمانيا فإنه سيفقد عرشه إلى الأبد، فوجد الإمبراطور نفسه كالأجرب بين رعيته، ولم يكن في وسعه أن ينتظر وصول البابا، فضرب بكبريائه عرض الحائط واستجمع شجاعته وسافر مجتازًا جبال الألب والشتاء على أشده، يبتغي المثول بين يدي البابا بمرتفعات كانوسا في تسكانيا، وظل واقفًا في الثلج في فناء القلعة ثلاثًة أيام وهو في لباس الرهبان متدثرا بالخيش حافي القدمين عاري الرأس يحمل عكازه مظهرًا كل علامات الندم وأمارات التوبة حتى تمكن من الظفر بالمغفرة والحصول على رضا البابا العظيم"[1].
كما يروي التاريخ قصة مماثلة عن ملك إنجلترا هنري الثاني الذي أصدر دستورًا يلغي فيه كثيرًا من إمتيازات رجال الدين، الذين كانوا يملكون الكثير، ولا يدفعون شيئًا من الضرائب التي يدفعها الشعب، بل يفرضون هم لأنفسهم ضرائب خاصة.. فحرمته الكنيسة فأصبح غريبًا في وسط شعبه لا يطاع له أمر.. فأعلن ندمه وتوبته، وسار إلى مقر رئيس الأساقفة في كنتر بري يسترضيه، ومشي على الأرض الصلبة الثلاثة الأميال الأخيرة من رحلته حافي القدمين حتى نزف الدم منهما، وطلب من الرهبان -وقد استلقى على الأرض- أن يضربوه بالسياط حتى يرضى عنه الغاضبون!
ولكن سلطان الكنيسة ظل يتداعى في نهاية القرون الوسطى حتى قام الملوك يعلنون أنهم هم الحكام في الأرض بمقتضى "الحق الإلهي المقدس" وأنه ليس

[1] فيشر -تاريخ أوروبا ج1- ص260.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست