responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 424
بين النظرية والتطبيق:
نضرب الذكر صفحا عن التناقض بين سخرية الشيوعيين بالحق والعدل الأزليين، وبين قولهم في النظرية الشيوعية إن استغلال إنسان لإنسان ظلم ينبغي إزالته.. وبين نفيهم أن هناك أصلا ثابتا للكيان البشري ينبغي أن يرد إليه ويقاس به, وقولهم إن صورة الحياة في الشيوعية الأولى -بكل ما تحويه من ملكية جماعية ومساواة ولا طبقية وتعاون..إلخ- هي الأصل الذي ينبغي أن تعود البشرية إليه، والذي تسعى الشيوعية الثانية إلى الرجوع إليه لتعيش البشرية في سلام!
نضرب صفحا عن ذلك التناقض؛ لأننا قلنا في مناقشتنا للتفسير المادي للتاريخ إنه ليس مبادئ حقيقية يؤمنون بها عن اقتناع "علمي" إنما هي مجرد وسائل لغايات، والغايات هي المطلوبة، والأدلة تساق سوقا وتحشر إلى جانب بعضها البعض حشرا سواء كانت متناسقة مع الغايات أو غير متناسقة ... ولا حرج عليهم أن تتناقض الأدلة! فإذا كانت الغاية هي القول بأن الأوضاع الاقتصادية هي الفاعلة وليس الحق والعدل قيل ذلك، وإذا كانت الغاية هي نفي الملكية الفردية بوصفها نزعة فطرية قيل إنه لا فطرة, ولا أصل ثابتا للإنسان، وإذا كانت الغاية تبرير مجيء الشيوعية الثانية قيل إن الشيوعية الأولى تمثل الأصل الذي ينبغي أن تعود إليه البشرية.
ندع هذا جانبا؛ لأنه لن يزيد الصفحة سوءا. إنما نشير بادئ ذي بدء إلى أن النظرية الشيوعية -والتطبيق كذلك- قد نقضا كل "القشرة" السياسية والاقتصادية والاجتماعية للرأسمالية، وأنشأ قشرة مختلفة عنها[1] فيما عدا أمرين اثنين: إقصاء الدين عن الحياة والفوضى الجنسية، فقد رضيت عنهما الشيوعية رضاء تاما وزادت في جرعتهما حتى نصت على الإلحاد نصا في الدستور السوفيتي، فقالت: "لا إله. والكون مادة" ونصت على الفوضى الجنسية نصا ودافعت عنها ... وحين اضطرت إلى تعديلها في النظرية على عهد لنين فإنها لم تغير شيئا حقيقيا في التطبيق.
من هنا نفهم كيف أن الشيوعية خطوة "تقدمية" إلى الإمام!
ونأخذ الآن في الحديث عن التطبيق الشيوعي، ومدى التزامه بالنظرية من جهة، ومدى "عدالة" هذا التطبيق من جهة أخرى.
فأما من حيث إلغاء الملكية الفردية فقد تم ذلك بصورة حادة في المرحلة الأولى من التطبيق على عهد لنين وجزء من عهد ستالين, أما إحلال الملكية الجماعية محلها فقد تكشف عن أسطورة ضخمة ليس لها وجود حقيقي! فلا أحد من طبقة البروليتاريا يملك شيئا في الحقيقة أو يحس بملكية شيء. إنما الدولة -كما نصت النظرية- هي المالك الحقيقي لكل شيء. والدولة -عند التطبيق- شيء والشعب شيء آخر. ومهما قيل من "نيابة" الدولة عن البروليتاريا في الملكية والإشراف عليها فهو مجرد كلام للاستهلاك النظري، أما الواقع فهو أن الدولة أصبحت كابوسا ثقيلا بدكتاتوريتها البشعة التي لا تدع

[1] قلنا من قبل إن الاختلاف بين الرأسمالية والشيوعية هو اختلاف في القشرة وليس في الجوهر.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست