responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 411
إنما جعلوا حولها هذه الفلسفة الشاملة لتفسرها -أو لتبررها- سيان.
وهذا الذي صنعه ماركس وإنجلز والمفسرون الشيوعيون هو الأمر الطبيعي، الذي يتجافاه أو يتجاهله الذين يتحدثون عن الشيوعية كمذهب اقتصادي بحت. ذلك أنه لا يوجد مذهب اقتصادي مجرد، ليس له ارتباط بتصور شامل عن الكون والحياة والإنسان وقضية الألوهية!
ورغم أننا لا نوافقهم في زعمهم أن الأوضاع الاقتصادية والمادية هي الأصل الدائم الذي تنبثق منه الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية، والفنية.. إلخ، فإننا نرى -كما أشرنا من قبل- أن هناك ارتباطا بين هذه الأمور كلها؛ لأنها أوجه مختلفة لقضية واحدة أو لموقف معين من قضايا الألوهية والكون والحياة والإنسان.
وسواء أخذنا بوجهة النظر هذه أو تلك فإن النظرية الاقتصادية لا يمكن أن تقف وحدها مجردة عن فلسفة شاملة تربطها بالقضايا الأخرى كلها، سواء كانت هذه النظرية شيوعية أو رأسمالية أو إسلامية.
وقد نجد في التحليل الأخير أن الفلسفة المحيطة بالنظرية الشيوعية لا تختلف كثيرا -في جوهرها- عن الفلسفة المحيطة بالنظرية الرأسمالية..
فكلتاهما فلسفة مادية حيوانية لا ترتفع بالإنسان عن مستوى المادة أو مستوى الحيوان، وتعتبر الوضع المادي والاقتصادي هو الأصل الذي يشكل الحياة ... وكلتاهما تبعد المنهج الرباني كلية عن أن يحكم الحياة أو يسيطر عليها، وكلتاهما تبيح الفساد الخلقي وتسمح له أن يستشري في الأرض! ولكنا سنجد -على الأقل- فرقا في الدرجة بين هذه وتلك!
فالشيوعية أشد إمعانا في إبعاد المنهج الرباني إلى حد النص الرسمي على الإلحاد في صلب الدستور: "لا إله. والكون مادة" وأشد إبعادا للإنسان عن إنسانيته، باعتبارها إياه مادة خالصة لا خليطا من المادية والحيوانية كما تصنع الرأسمالية.
إن الفارق الوحيد -الذي يرونه جوهريا ولا نراه كذلك- هو في "من يملك"؟ وهو فارق في "القشرة" الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية أكثر مما هو فارق في الأصل الذي تغطيه هذه القشرة؛ لأن النزاع انحصر كما هو ظاهر في "من يملك" ولم يتجاوزه إلى النظر في المالكين أنفسهم، ونظرتهم إلى الكون والحياة والإنسان وقضية الألوهية، وهل هي نظرة صحيحة

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست