responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 315
لكنه لم يكن قط في التصور الدارويني مادة، ولا كانت قوانين المادة منطبقة عليه، فمنذ تحولت المادة الميتة إلى مادة حية -بصورة لم يشأ دارون أن يتعرض لها، بل تهرب منها لكيلا تلجئه إلى الاعتراف بالإرادة الإلهية في إخراج الحي من الميت- منذ ذلك الحين صارت لها قوانين خاصة تحكمها غير قوانين المادة الميتة، هي قوانين الحياة.
وكانت تلك بديهية عند دارون وعند الناس جميعا، لا يخالجهم فيها شك؛ لأنها أوضح من أن يثور فيها الشك، ولئن كان دارون قد رد الإنسان إلى المرتبة الحيوانية "على أساس جسده" مغفلا تفرد الإنسان[1] فإنه على أي حال قد ارتفع بالكائنات الحية جميعا بما فيها الإنسان -بل في قمتها- عن مجال المادة، وجعل مجال الحديث عنها هو علم "الحياة" الذي يختلف اختلافا بينا عن علم "المادة".
أما التفسير المادي للتاريخ فلم يشأ أن يقف بالإنسان -في الهبوط- عند مرحلة الحيوانية التي أوقفه فيها دارون، إنما دفعه دفعات أخرى إلى أسفل، ليتردى في مهاوي المادية الحالكة حيث يعود إلى التراب، صرفا بغير روح ويصبح قانونه هو قانون التراب.
حقيقة العالم تنحصر في ماديته, والإنسان نتاج المادة، فإذا قيل وما الفكر؟ فالفكر نتاج الدماغ، والدماغ مادة!!
منطق "علمي" عجيب, غاية في العجب في الحقيقة!
فلتكن حقيقة العالم منحصرة في ماديته كما كان العلم الناقص يقول على أيام ماركس وإنجلز ولنين قبل تفجير الذرة واستخلاص "الطاقة" من داخلها ... فما صلة ذلك بالإنسان؟!
الكون المادي مادة, والحياة حياة, والإنسان إنسان!
وليكن الدماغ مادة ... فهل كل مادة تنتج الفكر؟!
وإذا كان الأصل في الفكر هو مادة الدماغ، فهل يختلف مخ الطفل الوليد عن مخ الإنسان الناضج، من حيث تركيبه "المادي"؟! فلماذا لا يفكر الطفل بينما يفكر الإنسان الناضج؟ ولماذا يفكر الطفل -حين يبدأ يفكر- على نحو مختلف عن تفكير الإنسان الناضج من جميع الوجوه؟ هل هناك عناصر "مادية" تضاف

[1] أثبتت الداروينية الحديثة Neo-Darwinism "كما سيجيء في أثناء المناقشة تفرد الإنسان حتى من الناحية البيولوجية البحتة التي خدعت دارون فجعلته يلحق الإنسان بعالم الحيوان.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست