responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 307
بما يجول في صدورهم لا يريدون الإقرار به حتى في سرهم وخلوتهم مخافة أن تحلق بهم الكنيسة فتوقعهم في قبضتها! ويحسبون أن الاحتماء بهذا الوثن سيخلصهم من حيرتهم وينقذهم منها وهيهات!
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [1].
ولو أنهم كاشفوا أنفسهم بدلا من مغالطة أنفسهم بالوهم، لسألوا أنفسهم هذا السؤال البدهي القريب: ما الطبيعة على وجه التحديد؟ وأين تكمن قدرتها على الخلق؟ في أي مكان منها؟ أم ليس لهذه القدرة مكان ولا حيز؟
فإذا لم تكن محسوسة ولم يكن يحدها المكان ولا الحيز، وكانت "غيبا" لا تدركه الأبصار، إنما تدرك آثاره فقط ومظاهره، فما الذي يبرر في منطق العقل أن نعدل عن الاسم الحقيقي، اسم الله، ونلجأ إلى مسميات ما أنزل الله بها من سلطان؟ أو -إن كان الله في منطق الإلحاد لا حقيقة له- فما الذي يبرر -في منطق العقل أو منطق العلم- أن يقول قائل إنه ليس حقيقة حين يكون اسمه الله جلال جلاله، ثم يكون هو ذاته حقيقة حين يكون اسمه "الطبيعة"؟!
أهو الخوف من الكنيسة وطغيانها؟
أو هو البغض لها والحقد عليها؟
فليكن!
فلنهجر الكنيسة ونفر منها إلى الله الحق، وهو إله لا كنيسة له في الحقيقة ولا رجال دين!
ولكن أوروبا الجاهلية لم ترد أن تدخل في الإسلام، ففرت من جاهلية الكنيسة إلى جاهلية لا تقل سوءا ولا انحرافا ... إن لم تكن أشد!
هذه هي الطبيعة التي "تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق"، والتي "تخبط خبط عشواء" لم تكن قط في يوم من الأيام "حقيقة علمية" إنما كانت مهربا من أزمة فكرية روحية في ذات الوقت. واجهت أوروبا وحدها -لظروف محلية عندها- ولم تواجه الفكر البشري في مجموعه ولا الضمير البشري!
أما المادة الأزلية الأبدية الخالقة فما قصتها؟
وكيف نناقشها مناقشة "علمية"؟!
دع جانبا ما صار يعلمه صغار الطلاب في المدارس من أن القول بأن "المادة

[1] سورة النمل: 14.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست