responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 188
لقد كانت الدولة دائما هي دولة الأغنياء, تحس بالمسئولية الكاملة عن راحة الأغنياء ورفاهيتهم وصياغة الأمور كلها بحيث تستجيب لمطالبهم وتحقق لهم رغائبهم. أما ذلك الهمل من القطع الآدمية الملقاة هنا وهناك فهؤلاء يتحملون مسئولية أنفسهم! عليهم هم أن يبحثوا عن حكمة وجودهم وأن يدبروا أمورهم بأنفسهم! فإن ماتوا جوعا فهذا قدرهم, مع التظاهر بالعطف على هؤلاء "المساكين" الذين قدر الله لهم الفقر والجوع والمرض والهلاك، أو مع الشماتة فيهم؛ لأنهم لا يستحقون الوجود أصلا ويستحقون كل ما يحدث لهم.
وكانت المعركة مع "ضمير" دولة الأغنياء طويلة ومريرة حتى تزحزحت عن موقفها العنيد تدريجيا، ورضيت بأن تتحمل المسئولية عن هؤلاء الفقراء، وإن كانت المسئولية الكاملة لم تتخذ بعد في أية دولة من الدول الديمقراطية الرأسمالية.
أما أصحاب المصانع فقد كانوا أبعد عن تحمل المسئولية وأقسى في معاملة أولئك الفقراء.
إن فكرة المسئولية بعيدة عن ضمائرهم بعدا كاملا، وقد قاموا منذ أول لحظة على غير أساس إنساني. إنما قاموا على أساس تحقيق أكبر قدر من الربح، بأية وسيلة تحقق ذلك الربح, وكانت الوسيلة القريبة إلى أيديهم هي تطويل ساعات العمل وخفض الأجور إلى أقصى حد مستطاع[1].
وبصرف النظر عن تأثر الرأسمالية كلها بأخلاق اليهود الذين أشرفوا عليها من بدايتها -واليهود هم عبدة العجل الذهبي من قديم- فإن الرأسمالية جاهلية في حد ذاتها. ومن طبيعة الجاهلية أن تظلم المستضعفين وأن يطغى فيها أصحاب السلطان على من لا سلطان لهم، إلا أن يحجزهم عن الظلم حاجز قهري لا يملكون قهره بجبروتهم.
ولقد استخدم العمال سلاح الإضراب ضد جشع الرأسماليين فكانوا

[1] تقول الشيوعية: إن هذا من طبيعة الرأسمالية ذاتها، ولا علاقة له "بالأخلاق" لأن الرأسمالي بطبعه محب للربح, ساع إليه كما تسعى القطة إلى أكل الفأر. ونقول نحن إنه ليس من طبيعة الرأسمالية، إنما هو من طبيعة "الإنسان" حين يطغى أي: حين لا يلتزم بشرع الله ومنهجه، فقد كان الإقطاع على نفس الوجهة من قبل مع اختلاف الصورة الظاهرية، فكان الإقطاعي يسعى إلى الربح على حساب إنسانية العبيد وكرامتهم وجهدهم. يقول رب العالمين: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6, 7] . ويقول: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات: 6-8] . أما المؤمنون فلهم صفات أخرى.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست