responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 75
بَاب ذكر الْهِجْرَة [1] إِلَى الْمَدِينَة *
فَلَمَّا تمت بيعَة هَؤُلَاءِ لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة الْعقبَة، وَكَانَت سرا، على كفار قَومهمْ وكفار قُرَيْش أَمر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَانَ مَعَه من الْمُسلمين بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة أَرْسَالًا[2] فَقيل: أول[3] من خرج أَبُو سَلمَة بْن عَبْد الْأسد المَخْزُومِي وحبست عَنهُ امْرَأَته أم سَلمَة بنت

[1] انْظُر فِي الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة ابْن هِشَام 2/ 112 وَابْن سعد ج1 ق1 ص152 وَمَا بعْدهَا وصحيح البُخَارِيّ 5/ 56 والطبري 2/ 369 وَابْن حزم ص85 وَابْن سيد النَّاس 1/ 173 وَابْن كثير 3/ 168 والنويري 16/ 321 والسيرة الحلبية 2/ 54.
* يُقَال إِن الْمَدِينَة مَذْكُورَة فِي التَّوْرَاة بطابة. قَالَ: أوحى الله إِلَى طابة: يَا طابة يَا مسكينة لَا تقبلي الْكُنُوز فَإِنِّي أرفع أجاجيرك "سطوحك" على أجاجير الْقرى. وَهِي الْمدْخل الصدْق فِي كتاب الله تَعَالَى، قَالَ الله سُبْحَانَهُ: {رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} . الْمخْرج الصدْق: مَكَّة، والمدخل الصدْق: الْمَدِينَة، وَالسُّلْطَان النصير: الْأَنْصَار. وَفِيه دَلِيل وَاضح على تَفْضِيل الْمَدِينَة، لِأَن الله ابْتَدَأَ بهَا، وَكَانَ الْقيَاس أَن يبتديء بِمَكَّة، لِأَنَّهُ خرج مِنْهَا قبل أَن يدْخل الْمَدِينَة، وَأَيْضًا فبالمدينة جعل لَهُ سُلْطَانا نَصِيرًا، وَأَيْضًا فيأبى الله إِلَّا أَن ينْقل نبيه إِلَّا إِلَى مَا هُوَ خير. قلت: وَاخْتلف الْعلمَاء فِي حكم الْهِجْرَة حِينَئِذٍ وَكَيف كَانَ؟ فَقيل: كَانَت الْهِجْرَة شرطا فِي الْإِسْلَام، فَمن لم يُهَاجر وَلَا عذر لَهُ وَمَات على ذَلِك مَاتَ كَافِرًا. وَقيل: بل كَانَت وَاجِبَة مُؤَكدَة من قَوَاعِد الدَّين. ثمَّ اخْتلفُوا فِي حكمهَا على من وجت عَلَيْهِ أَولا هَل اسْتمرّ بعد الْفَتْح أَو لَا؟ وَلَا خَفَاء فِي أَن غير الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين لم يخاطبوا بِالْهِجْرَةِ بعد الْفَتْح، وَفِيهِمْ جَاءَ الحَدِيث: "لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد". وَظَاهر قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} أَن الْهِجْرَة كَانَت شرطا فِي الْإِسْلَام، وَهُوَ ظَاهر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: "وَلَكِن البائس سعد بن خَوْلَة" [من الْمُهَاجِرين وَقد شهد مَعَ الرَّسُول سَائِر الْمشَاهد وَتُوفِّي بِمَكَّة فِي حجَّة الْوَدَاع، وَقد وَصفه الرَّسُول بالبائس لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الأَرْض الَّتِي هَاجر مِنْهَا] يرثي لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مَاتَ بِمَكَّة، وَقد استرسل الْمُعَلق هُنَا يَقُول:
وَإِطْلَاق الْبُؤْس عَلَيْهِ بعد الْمَوْت يدل على أَن الخاتمة لم تكن على الْإِسْلَام لِأَن الْمُسلم لَا بؤس عَلَيْهِ إِن شَاءَ وَلَا سِيمَا بؤس يسْبق لَهُ فِيهِ اسْم وَالله أعلم.
وَهُوَ غلط وَاضح فِي الاستنتاج، لِأَن سَعْدا كَانَ من الْمُسلمين الْأَوَّلين، وَمِمَّنْ هَاجرُوا إِلَى الْحَبَشَة، وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا من الْمشَاهد. وَإِنَّمَا تعلق بِهِ الْبُؤْس لِأَنَّهُ لم يمت فِي دَار هجرته، وَيدل على ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "اللَّهُمَّ أمض لِأَصْحَابِي هجرتهم، وَلَا تردهم على أَعْقَابهم". وَانْظُر الِاسْتِيعَاب ص566.
[2] أَرْسَالًا: جماعات.
[3] وَفِي بعض الرِّوَايَات أَن أول الْمُهَاجِرين مُصعب بن عُمَيْر.
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست