responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 69
أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التيهَان[1] من بني عَبْد الْأَشْهَل، وعويم بْن سَاعِدَة من بني عَمْرو بْن عَوْف حَلِيف[2] لَهُم من بلي.
فَبَايع رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ عِنْد الْعقبَة على بيعَة النِّسَاء[3]، وَلم يكن أَمر بِالْقِتَالِ بعد. فَلَمَّا انصرفوا[4] بعث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهم ابْن أم مَكْتُوم، وَمصْعَب بْن عُمَيْر يعلم من أسلم مِنْهُم بِالْقُرْآنِ وَشَرَائِع الْإِسْلَام، وَيَدْعُو من لم يسلم إِلَى الْإِسْلَام. فَنزل مُصعب بْن عُمَيْر على أسعد بْن زُرَارَة. وَكَانَ مُصعب بْن عُمَيْر يدعى المقرىء الْقَارئ، وَكَانَ يؤمهم، فَجمع بهم أول[5] جُمُعَة جمعت فِي الْإِسْلَام فِي هزم[6] حرَّة بني بياضة فِي بَقِيع يُقَال لَهُ بَقِيع[7] الْخضمات، وهم أَرْبَعُونَ رجلا.
فَأسلم على يَد مُصعب بْن عُمَيْر خلق كثير من الْأَنْصَار، وَأسلم فِي جَمَاعَتهمْ سعد بْن معَاذ وَأسيد بْن حضير، وَأسلم بإسلامهما جَمِيع بني عَبْد الْأَشْهَل فِي يَوْم وَاحِد: الرِّجَال وَالنِّسَاء، لم يبْق مِنْهُم أحد إِلَّا أسلم، حاشا الأصيرمَ، وَهُوَ عَمْرو بْن ثَابت بْن وقش، فَإِنَّهُ تَأَخّر إِسْلَامه إِلَى يَوْم أحد، فَأسلم وَاسْتشْهدَ، وَلم يسْجد لله سَجْدَة. وَأخْبر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه من أهل الْجنَّة. وَلم يكن فِي بني عَبْد الْأَشْهَل مُنَافِق وَلَا منافقة، كَانُوا كلهم حنفَاء مُخلصين، رَضِي اللَّه عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
وَلم يبْق دَار من دور الْأَنْصَار إِلَّا وفيهَا مُسلمُونَ: رجال وَنسَاء، حاشا بني أُميَّة بن

[1] فِي ابْن سيد النَّاس أَن أهل الْحجاز ينطقونه بتَخْفِيف الْيَاء وَغَيرهم يشددها.
[2] انْفَرد ابْن إِسْحَاق بقوله إِن عويما حَلِيف لبني عَمْرو بن عَوْف. انْظُر الِاسْتِيعَاب ص528.
[3] وَاضح من تعقيب ابْن عبد الْبر على هَذِه الْبيعَة أَنهم لم يبايعوه على الْقِتَال، فَهِيَ بيعَة كبيعة النِّسَاء حِينَئِذٍ على الدُّخُول فِي الْإِسْلَام، بيعَة عمادها أَن لَا يُشْرك المبايع الله شَيْئا وَأَن لَا يسرق وَلَا يَزْنِي وَلَا يقتل أَوْلَاده وَلَا يَأْتِي بِبُهْتَان وَلَا يَعْصِي الله فِي مَعْرُوف.
[4] انصرفوا هُنَا: أَي حَان انصرافهم.
[5] قَالَ السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف [1]/ 270: تجميع أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة فِي الْمَدِينَة وتسميتهم إِيَّاهَا بِهَذَا الِاسْم هَدِيَّة من الله لَهُم قبل أَن يؤمروا بهَا. ثمَّ نزلت سُورَة الْجُمُعَة بعد أَن هَاجر رَسُول الله إِلَى الْمَدِينَة، فاستقر فَرضهَا، وَاسْتمرّ حكمهَا، وَلذَلِك قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: "أضلته الْيَهُود وَالنَّصَارَى وهداكم الله إِلَيْهِ". وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس: آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بهَا لَهُم قبل الْهِجْرَة. وَانْظُر ابْن سيد النَّاس [1]/ 158 وَعند ابْن إِسْحَاق أَن أول من صلى بِالْمُسْلِمين الْجُمُعَة فِي الْمَدِينَة أسعد بن زُرَارَة. انْظُر ابْن هِشَام [2]/ 77.
[6] الهزم: الْمَكَان المطمئن من الأَرْض.
[7] بَقِيع: هَكَذَا بِالْبَاء فِي الأَصْل وَفِي ابْن سيد النَّاس، وَهُوَ مَوضِع بنواحي الْمَدِينَة. وَقد سَمَّاهُ الْبكْرِيّ فِي مُعْجَمه نَقِيع الْخضمات بالنُّون.
بَاب بعث حَمْزَة وَبعث عُبَيْدَة 1
وَلما انْصَرف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غَزْوَة الْأَبْوَاء أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّة صفر وربيع الأول وصدرا من ربيع الآخر. وَفِي هَذِه الْمدَّة بعث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمه حَمْزَة بْن عَبْد الْمطلب فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا من الْمُهَاجِرين، لَيْسَ فيهم من الْأَنْصَار أحد، إِلَى سيف[2] الْبَحْر من نَاحيَة الْعيص[3]، فلقي أَبَا جهل فِي ثَلَاثمِائَة[4] رَاكب من كفار أهل مَكَّة، فحجز بَينهم مجدي بْن عَمْرو الْجُهَنِيّ. وتوادع الْفَرِيقَانِ على يَدَيْهِ، فَلم يكن بَينهمَا قتال.
وَبعث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه الْمدَّة أَيْضا عُبَيْدَة بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمطلب بْن عَبْد منَاف فِي سِتِّينَ رَاكِبًا من الْمُهَاجِرين، أَو ثَمَانِينَ، لَيْسَ فيهم من الْأَنْصَار أحد، فَنَهَضَ حَتَّى بلغ أَحيَاء[5] وَهِي مَاء بالحجاز بِأَسْفَل ثنية الْمرة. فَتلقى بهَا جمعا من قُرَيْش عَلَيْهِم عِكْرِمَة بْن أبي جهل، وَقيل: كَانَ عَلَيْهِم مكرز بْن أبي حَفْص. فَلم يكن بَينهم قتال. إِلَّا أَن سعد بْن أبي وَقاص وَكَانَ فِي ذَلِك الْبَعْث رَمَى بِسَهْم فَكَانَ أول سهم رُمِيَ بِهِ فِي سَبِيل اللَّه. وفر من الْكفَّار يَوْمئِذٍ إِلَى الْمُسلمين الْمِقْدَاد بْن عَمْرو، وَعقبَة بْن غَزوَان، وَكَانَا قديمي الْإِسْلَام إِلَّا أَنَّهُمَا لم يجدا السَّبِيل إِلَى اللحاق بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يَوْمئِذٍ.
وَاخْتلف أهل السّير فِي أَي البعثين كَانَ أول: أبْعث حَمْزَة أَو بعث عُبَيْدَة، فَقَالَ ابْن إِسْحَاق: أول راية عقدهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأول سَرِيَّة بعثها عُبَيْدَة بْن الْحَارِث. قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَبَعض النَّاس يَزْعمُونَ أَن راية حَمْزَة أول راية عقدهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِي: أول سَرِيَّة بعثها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَة بْن عَبْد الْمطلب فِي ربيع الأول من سنة اثْنَتَيْنِ إِلَى سيف الْبَحْر من أَرض جُهَيْنَة.

[1] انْظُر فِي البعثين ابْن هِشَام 2/ 241 وَمَا بعْدهَا والطبري 2/ 404 وَابْن سعد ج2 ق1 ص2 وَقد قدمهَا على غَزْوَة الْأَبْوَاء، وَانْظُر أَيْضا ابْن حزم ص100، وَابْن سيد النَّاس 1/ 224 وَابْن كثير 3/ 234 وَهُوَ مِمَّن قدمهَا على غَزْوَة الْأَبْوَاء وَكَذَلِكَ صنع النويري 17/ 2 وَقد قيل إِن سَرِيَّة حَمْزَة كَانَت فِي رَمَضَان، وتلتها سَرِيَّة عُبَيْدَة فِي شَوَّال من السّنة الأولى لِلْهِجْرَةِ.
[2] سيف: سَاحل.
[3] الْعيص: مَوضِع بساحل الْبَحْر فِي نَاحيَة ذِي الْمَرْوَة.
[4] كَانَ أَبُو جهل فِي قافلة لقريش من قوافلها التجارية.
[5] هَكَذَا فِي ابْن سعد وَغَيره من المراجع، وَفِي الأَصْل ور: أبنى. وَأَحْيَاء: مَاء فِي بطن رابغ على عشرَة أَمْيَال من الْجحْفَة.
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست