responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 154
الأكبر الذي هو بضعة منه. وحين يتجه للكون بالحب فهو يتجه إلى "أخ" له في الخلقة والطبيعة. وحين يتجه إلى "الإنسانية" بالحب ويتحرك ويعمل في نطاق ذلك الحب، فهو يحقق ناموس الكون الذي يقول إن الكون "طاقات" متجاذبة مترابطة متحركة في ترابطها وتجاذبها على الدوام.
ومن ثم كذلك تصبح "الفضائل" كلها من صدق ونظافة واستقامة وتطهر، و"القيم العليا" كلها من حق وعدل وجمال وكمال.. جزءًا من بنية الكون وبنية الإنسان. جزءًا من فطرة الخليقة التي خلقها الله. ويصبح الإنسان طاقة كونية، ويصبح متجاوبًا مع الفطرة، ومتمشيًا مع الناموس ... كلما تمسَّك بهذه الفضائل وهذه القيم.. كما يصبح ناشزًا عن الفطرة، منحرفًا عن الناموس، منفصلًا عن طاقة الكون، منحصرًا بذاته الصغيرة في حدودها الضيقة، كلما بعد عن هذه الفضائل وهذه القيم وأخلد إلى الأهواء والشهوات.
ذلك هو التصور الإيماني للحياة. وتلك هي حقيقة الواقع التي يكشف عنها العلم يومًا بعد يوم. والإسلام يجعل هذا التصور قاعدته الأساسية، ويجعله كذلك غذاء كاملًا للطاقة المعنوية، التي هي الأساس الإنساني للإنسان. وهو لا يجعله متعة أحلام وتأمل منقطعة عن الواقع! كلا! فكل شيء في الإسلام له غاية! غاية عليا هي صلاح القلب الإنساني واستقامته على الفطرة التي فطره عليها الله. ومن ثم فإن الإسلام لا يميل كثيرًا إلى "الفلسفة" التجريدية البحتة التي تدور وتدور وتدور. ثم ترجع من حيث بدأت، ولا تمنح البشرية غذاء حقيقيًّا صالحًا للحياة. والإسلام لا يكره التأمل في ملكوت الله. بل يدعو إليه دعوة حارة قوية ملحة، ولكنه يخرجها من توها أن تصبح تأملات في البرج العاجي، فيربطها بواقع العمل وواقع الشعور وواقع السلوك. ويجعل لها صدى مباشرًا في حياة الناس على الأرض. كما رأينا في ذلك المنهج الذي بيناه في تربية العقل ونحن نستعرض الآيات: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ... فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}

نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست