responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 474
وثانيهما، نأى، أي: ذهب بعيدًا[1].
فإذا تذكرنا الأصل المزدوج لهذا المصطلح فإنه يعني إذن نظرتين للحركة الإرادية، تقعان في آن واحد على العمل الماثل، الذي يكلف به الإنسان وعلى غايته البعيدة التي يستهدفها.
ومع ذلك، فلا حاجة بنا إلى أن نتمسك بهذه الإشارة الضمنية، ولنفترض أن هذه القولة تقصد بخاصة إلى الجزء الأول، ولا سيما في جانبه السلبي، ولكن لنقرأ بعد ذلك بقية النص، ولسوف نرى فيه المعنى الثاني، يستخرج ويتحرك كلما اطرد الخطاب، وأصبح محسوسًا شيئًا فشيئًا، يقول الرسول, صلى الله عليه وسلم: "وإنما لكل امرئ ما نوى" [2], "في حال عمله" ثم يختم الحديث بهذه الجملة الثالثة والأخيرة: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" [3].
ومن الواضح أن هذا الدور العظيم لمبدأ التقدير الأخلاقي ما كان له أن يتعين إلا بنية حقيقية، أصولية، منبثقة من المنبع العميق في أنفسنا، فلم تكن لتعينه بضعة أفكار سطحية، ناشئة عن تكلف لغة باطنية أو منطوقة.

[1] يريد المؤلف أن مادة الفعلين واحدة، هي "ن، ء، ا"، وإن اختلف الترتيب في الأول عن الثاني، وهو ما عرف لدى الاشتقاقيين باسم "الاشتقاق الكبير"، ويعنون به أن بعض المجموعات الثلاثية ترتبط ببعض المعاني ارتباطًا غير مقيد بترتيب أصواتها، وهي فكرة صادقة في بعض الأصول، دون أن تصدق في كل أصل، وقد ضرب ابن جني مثلًا على ذلك بمجموعة "الجيم والباء والراء" وهي مهما اختلف ترتيبها تعبر عن القوة والشدة ... إلى آخر ما قال، وشركه في الرأي أبو منصور الثعالبي صاحب "فقه اللغة". انظر: من أسرار اللغة 49 وما بعدها للأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس. "المعرب".
[2] المرجع السابق.
[3] المرجع السابق.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست