responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 117
ومحاولة التوفيق بين اتجاهين باستخدام تعبير غامض ذي معنيين، أهو لحساب الفضيلة، أم هو على العكس يعرضها للخطر؟ ذلك أننا في مواجهة المعتدي سنتمسك معنويًّا بأن نجعله يقتنع بالاتجاه الخاطئ، ونكون حينئذ قد تجنبنا الكذب بحرفيته، وإن كنا قد فارقناه بمعناه.
وهكذا نرى أن تعميم أمرين، ولو عقليًّا، يستتبع بالضرورة تجاوزهما للحدود، وتناقضها، وتدمير كل منهما للآخر، ومن ثَمَّ كانت الضرورة المطلقة في تضييق مجال تطبيق أحدهما، لكي يمر الآخر، ولكن أيهما؟ أمن حقنا أن نميز واحدًا منهما، أيًّا كان، على سبيل التحكم؟ وكيف نخولهما حقًّا متساويًا للمرور دون أن يسبق ذلك أن نخصهما بقيمة متساوية؟
على أنه من غير المقبول أن نضع في مستوى واحد: اللازم، والضروري، والزائد الفضلة؟ الأكثر إلحاحًا والأقل، الوجود والكمال. ومهمة عالم الأخلاق لا تنتهي بمجرد أن يضع قائمة بالواجبات، فإن عليه أيضًا أن يقر فيما بينها تدرجًا في القيم، وحتى لو افترضنا أن هذا النظام قد وضع، فلن يكون مطلقًا نظامًا نهائيًّا؛ لأنه في جوهره نسبي, ولأن ما هو لازم محتم في حالة -قد يصبح ثانويًّا في حالة أخرى، وفائضًا زائدًا في حالة ثالثة. ولذلك نجد الإنسان أمام الخطر يضحي بأثمن الطيبات من أجل إنقاذ الحياة، ثم هو يعرض الحياة للأخطار من أجل إنقاذ الشرف.
وإنما تتحدد القيمة الجديرة باختيارنا عند الاتصال بالواقع الراهن؛ وليس ممكنًا وضع خط دقيق للتمييز بين الواجبات المختلفة إلا "على الطبيعة"، وهو مع ذلك خط غير ثابت، يخضع دائمًا للتعديل، بحيث إننا لو أردنا تحديد واجب في لحظة معينة، فإن الكلمة الأخيرة سوف تترك لحكم كل فرد، بل ربما تترك لما يمكن أن نسميه "بحاسته السادسة".
هكذا نجد أنفسنا وقد تجاوزنا "الكانتية" بمرحلتين، وهذا التجاوز نفسه ينقلنا إلى الطرف الآخر من الطريق.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست