responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 310
قَالَ: «الْمِزَاحُ اسْتِدْرَاجٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَاخْتِدَاعٌ مِنْ الْهَوَى» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اتَّقُوا الْمِزَاحَ فَإِنَّهَا حِمْقَةٌ تُورِثُ ضَغِينَةً. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إنَّمَا الْمِزَاحُ سِبَابٌ إلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ يُضْحِكُ.
وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ الْمِزَاحُ مِزَاحًا لِأَنَّهُ يُزِيحُ عَنْ الْحَقِّ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْمِزَاحُ مِنْ سُخْفٍ أَوْ بَطَرٍ. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْمِزَاحُ يَأْكُلُ الْهَيْبَةَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ زَالَتْ هَيْبَتُهُ، وَمَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ طَابَتْ غَيْبَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ قَلَّ عَقْلُهُ كَثُرَ هَزْلُهُ. وَذَكَرَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ الْمِزَاحَ فَقَالَ: يَصُكُّ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ بِأَشَدَّ مِنْ الْجَنْدَلِ، وَيُنْشِقُهُ أَحْرَقَ مِنْ الْخَرْدَلِ، وَيُفْرِغُ عَلَيْهِ أَحَرَّ مِنْ الْمِرْجَلِ، ثُمَّ يَقُولُ: إنَّمَا كُنْتُ أُمَازِحُك. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: خَيْرُ الْمِزَاحِ لَا يُنَالُ، وَشَرُّهُ لَا يُقَالُ. فَنَظَمَهُ النَّيْسَابُورِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الْجَامِعَةِ لِلْآدَابِ فَقَالَ وَزَادَ:
شَرُّ مِزَاحِ الْمَرْءِ لَا يُقَالُ ... وَخَيْرُهُ يَا صَاحِ لَا يُنَالُ
وَقَدْ يُقَالُ كَثْرَةُ الْمِزَاحِ ... مِنْ الْفَتَى تَدْعُو إلَى التَّلَاحِ
إنَّ الْمِزَاحَ بَدْؤُهُ حَلَاوَهْ ... لَكِنَّمَا آخِرُهُ عَدَاوَهْ
يَحْتَدُّ مِنْهُ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ ... وَيَجْتَرِي بِسُخْفِهِ السَّخِيفُ
وَقَالَ أَبُو نُوَاسٍ:
خَلِّ جَنْبَيْك لِرَامٍ ... وَامْضِ عَنْهُ بِسَلَامِ
مُتْ بِدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ ... لَك مِنْ دَاءِ الْكَلَامِ
إنَّمَا السَّالِمُ مَنْ أَلْجَمَ ... فَاهُ بِلِجَامِ
رُبَّمَا اسْتَفْتَحَ بِالْمَزْحِ ... مَغَالِيقَ الْحِمَامِ
وَالْمَنَايَا آكِلَاتٌ ... شَارِبَاتٌ لِلْأَنَامِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَلَّمَا يَعْرَى مِنْ الْمِزَاحِ مَنْ كَانَ سَهْلًا فَالْعَاقِلُ يَتَوَخَّى بِمِزَاحِهِ إحْدَى حَالَتَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إحْدَاهُمَا: إينَاسُ الْمُصَاحِبِينَ وَالتَّوَدُّدُ إلَى الْمُخَالِطِينَ. وَهَذَا يَكُونُ بِمَا أَنِسَ مِنْ جَمِيلِ الْقَوْلِ، وَبُسِطَ مِنْ مُسْتَحْسَنِ الْفِعْلِ.
وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِهِ: اقْتَصِدْ فِي مِزَاحِك فَإِنَّ الْإِفْرَاطَ فِيهِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست