responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 268
كُلُّ شَفَّارٍ، مَلْعُونٌ كُلُّ قَتَّاتٍ، مَلْعُونٌ كُلُّ مَنَّانٍ» . الشَّفَّارُ الْمُحَرِّشُ بَيْنَ النَّاسِ يُلْقِي بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ، وَالْقَتَّاتُ النَّمَّامُ وَقِيلَ النَّمَّامُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ الْقَوْمِ يَتَحَدَّثُونَ فَيَنُمُّ حَدِيثَهُمْ، وَالْقَتَّاتُ هُوَ الَّذِي يَسْتَمِعُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَيَنُمُّ حَدِيثَهُمْ، وَالْمَنَّانُ هُوَ الَّذِي يَصْنَعُ الْخَيْرَ وَيَمُنُّ بِهِ. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: النَّمِيمَةُ سَيْفٌ قَاتِلٌ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: لَمْ يَمْشِ مَاشٍ شَرٌّ مِنْ وَاشٍ. فَأَمَّا السِّعَايَةُ فَهِيَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ إلَى مَذَمَّةِ الْغِيبَةِ وَلُؤْمِ النَّمِيمَةِ، التَّغْرِيرَ بِالنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، وَالْقَدَحَ فِي الْمَنَازِلِ وَالْأَحْوَالِ. وَرَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا دَيُّوثٌ وَلَا قَلَّاعٌ» . الدَّيُّوثُ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدُثُّ بَيْنَهُمْ. وَالْقَلَّاعُ هُوَ السَّاعِي الَّذِي يَقَعُ فِي النَّاسِ عِنْدَ الْأُمَرَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي الرَّجُلَ الْمُتَمَكِّنَ عِنْدَ الْأَمِيرِ فَلَا يَزَالُ يَقَعُ فِيهِ حَتَّى يَقْلَعَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: السَّاعِي بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ قَبِيحَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ صَدَقَ فَقَدْ خَانَ الْأَمَانَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَذَبَ فَخَالَفَ الْمُرُوءَةَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصِّدْقُ يُزَيِّنُ كُلَّ أَحَدٍ إلَّا السُّعَاةَ، فَإِنَّ السَّاعِيَ أَذَمُّ وَآثَمُ مَا يَكُونُ إذَا صَدَقَ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: النَّمِيمَةُ دَنَاءَةٌ وَالسِّعَايَةُ رَدَاءَةٌ، وَهُمَا رَأْسُ الْغَدْرِ وَأَسَاسُ الشَّرِّ فَتَجَنَّبْ سُبُلَهُمَا، وَاجْتَنِبْ أَهْلَهُمَا. وَوَقَعَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ عَلَى قِصَّةِ سَاعٍ سَعَى إلَيْهِ: نَحْنُ نَرَى قَبُولَ السِّعَايَةِ شَرًّا مِنْهَا؛ لِأَنَّ السِّعَايَةَ دَلَالَةٌ، وَالْقَبُولَ إجَازَةٌ، فَاتَّقُوا السَّاعِيَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِي سِعَايَتِهِ صَادِقًا كَانَ فِي صِدْقِهِ آثِمًا، إذْ لَمْ يَحْفَظْ الْحُرْمَةَ وَيَسْتُرْ الْعَوْرَةَ.
وَقَالَ الْإِسْكَنْدَرُ لِرَجُلٍ سَعَى إلَيْهِ بِرَجُلٍ: أَتُحِبُّ أَنْ نَقْبَلَ مِنْك مَا تَقُولُ فِيهِ عَلَى أَنْ نَقْبَلَ مِنْهُ مَا يَقُولُ فِيك؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَكُفَّ عَنْ الشَّرِّ يَكُفَّ عَنْك الشَّرُّ. وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَى مُوسَى - عَلَى نَبِيّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ فِي بَلَدِك سَاعِيًا وَلَسْتُ أُخْبِرُك وَهُوَ فِي أَرْضِك. قَالَ يَا رَبِّ دُلَّنِي عَلَيْهِ حَتَّى أُخْرِجَهُ فَقَالَ: يَا مُوسَى أَكْرَهُ النَّمِيمَةَ وَأَنُمُّ.

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست