responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 117
مَوْضِعٍ تَرَى فِيهِ اجْتِهَادًا ظَاهِرًا بِلَا نُورٍ. فَاعْلَمْ أَنَّ ثَمَّ بِدْعَةً خَفِيَّةً. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الْزَمِ السَّوَادَ عَلَى الْبَيَاضِ - حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا - إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَفْلَحَ.
وَلَقَدْ كَانَ سَادَاتُ الطَّائِفَةِ أَشَدَّ مَا كَانُوا اجْتِهَادًا فِي آخِرِ أَعْمَارِهِمْ.
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ يَقُولُ: رُئِيَ فِي يَدِ الْجُنَيْدِ سُبْحَةٌ. فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ مَعَ شَرَفِكَ تَأْخُذُ بِيَدِكَ سُبْحَةً؟ فَقَالَ: طَرِيقٌ وَصَلْتُ بِهِ إِلَى رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا أُفَارِقُهُ أَبَدًا. .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ: كَانَ الْجُنَيْدُ يَجِيءُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى السُّوقِ، فَيَفْتَحُ بَابَ حَانُوتِهِ. فَيَدْخُلُهُ وَيُسْبِلُ السِّتْرَ، وَيُصَلِّي أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ. وَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطَاءٍ - وَهُوَ فِي النَّزْعِ - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ سَاعَةٍ. فَقَالَ: اعْذِرْنِي. فَإِنِّي كُنْتُ فِي وِرْدِي. ثُمَّ حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. وَكَبَّرَ، وَمَاتَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ: حَضَرْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ - أَنَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا - فَكَانَ قَاعِدًا يُصَلِّي، وَيَثْنِي رِجْلَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ رِجْلَيْهِ. فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ حَرَكَتُهَا، وَكَانَتَا قَدْ تَوَرَّمَتَا.
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا هَذَا يَا أَبَا الْقَاسِمِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ نِعَمُ اللَّهِ. اللَّهُ أَكْبَرُ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيُّ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، لَوِ اضْطَجَعْتَ. فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، هَذَا وَقْتٌ يُؤْخَذُ فِيهِ؟ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ حَالُهُ حَتَّى مَاتَ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ شَابٌّ - وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. وَقَدْ تَوَرَّمَ وَجْهُهُ. وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِخَدَّةٌ يُصَلِّي إِلَيْهَا - فَقَالَ: وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ لَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ؟ فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَاهُ، وَقَالَ: شَيْءٌ وَصَلْتُ بِهِ إِلَى اللَّهِ، فَلَا أَدَعُهُ. وَمَاتَ بَعْدَ سَاعَةٍ. رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيُّ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِ الْجُنَيْدِ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ. وَكَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَيَوْمَ نَيْرُوزٍ. وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ارْفُقْ بِنَفْسِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ أَحَدًا أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنِّي، فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ ذَا تُطْوَى صَحِيفَتِي؟ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْعَطَوِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الْجُنَيْدِ حِينَ مَاتَ. فَخَتَمَ الْقُرْآنَ. ثُمَّ ابْتَدَأَ فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى. فَقَرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ سَبْعِينَ آيَةً. ثُمَّ مَاتَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: رَأَيْتُ الْجُنَيْدَ فِي النَّوْمِ. فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلُومُ، وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ. وَمَا نَفَعَنَا إِلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الْأَسْحَارِ.
وَتَذَاكَرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ أَهْلَ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست