responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 96
الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْقَاطِعَةَ قَدْ قَامَتْ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ، وَدَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِهِ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ مِنْ دِلَالَةِ الشُّبَهِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى نَقِيضِ مَا أَخْبَرَ بِهِ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُقَلَاءِ، وَلَا يَسْتَرِيبُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مُصَابٌ فِي عَقْلِهِ وَفِطْرَتِهِ، فَأَيْنَ الشُّبَهُ النَّافِيَةُ لِعُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَكَلُّمِهِ بِمَشِيئَتِهِ، وَتَكْلِيمِهِ لِخَلْقِهِ، وَلِصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَلِرُؤْيَتِهِ بِالْأَبْصَارِ فِي الْآخِرَةِ وَلِقِيَامِ أَفْعَالِهِ بِهِ، إِلَى بَرَاهِينِ نُبُوَّتِهِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى الْأَلْفِ وَتَنَوَّعَتْ كُلَّ التَّنَوُّعِ، فَكَيْفَ يُقْدَحُ فِي الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ بِالشُّبَهِ الْخَالِيَةِ الْمُتَنَاقِضَةِ؟ وَهَلْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ جِنْسِ الشُّبَهِ الَّتِي أَوْرَدُوهَا فِي التَّشْكِيكِ فِي الْحِسِّيَّاتِ وَالْبَدَهِيَّاتِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ عَجَزَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنْ حَلِّهَا فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا قَدْحٌ فِيمَا عَلِمُوهُ بِالْحِسِّ وَالِاضْطِرَارِ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى حَلِّهَا وَإِلَّا لَمْ يَتَوَقَّفْ حَزْمُهُ بِمَا عَلِمَهُ بِحِسِّهِ وَاضْطِرَارِهِ عَلَى حَلِّهَا.
وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي الشُّبَهِ الَّتِي عَارَضَتْ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ، فَإِنَّ الْمُصَدِّقَ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَقْدَحُ فِي صِدْقِهِ وَلَا فِي الْإِيمَانِ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَلِّهَا فَإِنَّ تَصْدِيقَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ضَرُورِيٌّ، وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ عِنْدَهُ لَا تُزِيلُ مَا عَلِمَهُ بِالضَّرُورَةِ، فَكَيْفَ إِذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا عَلَى التَّفْصِيلِ؟ يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: وَهُوَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ مُرَادَهُ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَكْثَرَ مِمَّا تَبَيَّنَ لَنَا كَثِيرٌ مِنْ دَقَائِقِ الْمَعْقُولَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَمَعْرِفَتُنَا بِمُرَادِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَلَامِهِ فَوْقَ مَعْرِفَتِنَا بِتِلْكَ الدَّقَائِقِ إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةَ الْمُقَدِّمَاتِ فِي نَفْسِهَا صَادِقَةَ النَّتِيجَةِ غَيْرَ كَاذِبَةٍ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِيهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ; فَتِلْكَ الَّتِي تُسَمَّى مَعْقُولَاتٍ قَدْ تَكُونُ خَطَأً وَلَكِنْ لَمْ يُتَفَطَّنْ لِخَطَئِهَا، وَأَمَّا كَلَامُ الْمَعْصُومِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَامَ الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ عَلَى صِدْقِهِ، وَلَكِنْ قَدْ يَحْصُلُ الْغَلَطُ فِي فَهْمِهِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ صَرِيحَ الْعَقْلِ، فَيَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا فُهِمَ مِنَ النَّقْلِ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ الْعَقْلِ، فَهَذَا لَا يُدْفَعُ، وَلَكِنْ إِذَا تَأَمَّلَهُ مَنْ وَهَبَهُ اللَّهُ حُسْنَ الْقَصْدِ وَصِحَّةَ التَّصَوُّرِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ وَاقِعَةٌ بَيْنَ مَا فَهِمَهُ النُّفَاةُ مِنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ، وَأَنَّهَا غَيْرُ وَاقِعَةٍ بَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَبَيْنَ الْعَقْلِ.
وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ هَذَا فَلْيُوَازِنْ بَيْنَ مَدْلُولِ النُّصُوصِ وَبَيْنَ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُ مُطَابَقَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، ثُمَّ يُوَازِنُ بَيْنَ أَقْوَالِ النُّفَاةِ وَبَيْنَ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنَّ النُّفَاةَ أَخْطَأُوا خَطَأَيْنِ: خَطَأٌ عَلَى السَّمْعِ، فَإِنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْهُ خِلَافَ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمَ، وَخَطَأٌ عَلَى الْعَقْلِ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ حُكْمِهِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست