responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 587
قَالَ: وَرُبَّمَا يَرْتَقِي هَذَا الْقَوْلُ إِلَى أَعْظَمِ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَّى هَذَا الدِّينَ إِلَى الْوَاحِدِ فَالْوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا الْوَاحِدُ يُؤَدِّيهِ إِلَى الْأُمَّةِ وَيَنْقُلُهُ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّاوِي لِأَنَّهُ وَاحِدٌ رَجَعَ هَذَا الْعَيْبُ إِلَى الْمُؤَدِّي نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الْبَشِعِ وَالِاعْتِقَادِ الْقَبِيحِ.
قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَمَلِكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَإِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُلُوكِ الْأَطْرَافِ يَكْتُبُ إِلَيْهِمْ كُتُبًا عَلَى مَا عُرِفَ وَنُقِلَ وَاشْتُهِرَ، وَإِنَّمَا بَعَثَ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّصْدِيقِ بِرِسَالَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِلْزَامِ الْحُجَّةِ وَقَطْعِ الْعُذْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] وَهَذِهِ الْمَعَانِي لَا تَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْعِلْمِ مِمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ بِالْإِرْسَالِ وَالْمُرْسَلِ، وَأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ قِبَلِهِ وَالدَّعْوَةَ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً كَثِيرًا مِنَ الرُّسُلِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ وَالْكِتَابِ إِلَيْهِمْ لَبِثِّ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ الْمَمَالِكِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى دِينِهِ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يَقَعِ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي أُمُورِ الدِّينِ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى إِرْسَالِ الْوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهَا إِنَّهُ بَعَثَ عَلِيًّا لِيُنَادِيَ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ بِمِنًى " «أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» " «وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَمُدَّتُهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ» «وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ» .
وَلَا بُدَّ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ وُقُوعِ الْعِلْمِ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ كَانَ يُنَادِيهِمْ حَتَّى إِنْ أَقْدَمُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بَعْدَ سَمَاعِ هَذَا الْقَوْلِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْسُوطًا لِلْعُذْرِ فِي قِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ.
وَكَذَلِكَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُعَلِّمَهُمْ إِذَا أَجَابُوا شَرَائِعَهُ.
وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ فِي أَمْرِ الْقَتِيلِ وَاحِدًا يَقُولُ: «إِمَّا أَنْ تَدُوا وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، وَبَعَثَ إِلَى قُرَيْظَةَ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ يَسْتَنْزِلُهُمْ عَلَى حُكْمِهِ، وَجَاءَ أَهْلَ قُبَاءٍ وَاحِدٌ وَهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ يُصَلُّونَ فَأَخْبَرَهُمْ بِصَرْفِ الْقِبْلَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَانْصَرَفُوا إِلَيْهِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَاكْتَفَوْا بِقَوْلِهِ، وَلَا بُدَّ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ وُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 587
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست