responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 576
أَصْحَابُ الْإِسْنَادِ أَصَحُّ دَعْوَى فِي ذَلِكَ لِشَهَادَةِ كَثْرَةِ الرُّوَاةِ وَتَغَايُرِ الْأَسَانِيدِ لَهُمْ بِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ فِي نَقْلِ التَّوَاتُرِ، فَإِنْ لَجَأَ لَاجِئٌ إِلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ كُلَّ خَبَرٍ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ إِنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذِهِ مُجَاهَرَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمُدَافَعَةٌ لِمَا يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ خِلَافُهُ، وَتَكْذِيبٌ لِجَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَلِجَمِيعِ فُضَلَاءِ التَّابِعِينَ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا رَوَوُا الْأَخْبَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا شَكٍّ وَاحْتَجَّ بِهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَعَمِلُوا بِهَا، وَأَفْتَوْا بِهَا فِي دِينِ اللَّهِ، وَهَذَا إِطِّرَاحٌ لِلْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ وَبَاطِلٌ لَا تَخْتَلِفُ النُّفُوسُ فِيهِ؛ لِأَنَّ بِالضَّرُورَةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا لَمْ يَصْدُقْ فِي كَلِمَةٍ بَلْ كُلُّهُمْ كَذَبُوا وَوَضَعُوا كُلَّ مَا رَوَوْا.
وَأَيْضًا فَفِيهِ إِبْطَالُ لِأَكْثَرِ الشَّرَائِعِ الَّتِي لَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ وَلَا غَيْرُ مُسْلِمٍ فِي أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مُبَيَّنَةً كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّا إِنَّمَا تَلَقَّيْنَاهَا مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَمَا تَرَى لَا رَابِعَ لَهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ خَبَرٍ نَقَلَهُ الْعَدْلُ عَنِ الْعَدْلِ مُبْلِغًا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذِبًا كُلُّهَا أَوَّلُهَا عَنْ آخِرِهَا، أَوْ يَكُونَ فِيهَا حَقٌّ بَاطِلٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى تَمْيِيزِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ أَبَدًا، وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِلَّهِ فِي إِخْبَارِهِ بِحِفْظِ الذِّكْرِ الْمُنَزَّلِ وَبِإِكْمَالِهِ لَنَا الدِّينَ، وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنَّا إِلَّا دِينَ الْإِسْلَامِ لَا شَيْءَ سِوَاهُ، وَفِيهِ أَيْضًا إِفْسَادُ الدِّينِ وَاخْتِلَاطُهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ فِي الْعَالَمِ أَنْ يَعْرِفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي دِينِهِ مِمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَبَدًا، وَإِنَّ حَقِيقَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ بَطَلَتْ بِيَقِينٍ، وَهَذَا انْسِلَاخٌ، مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوْ أَنَّهَا كُلَّهَا حَقٌّ مَقْطُوعٌ عَلَى غَيْبِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مُوجِبَةٌ كُلُّهَا الْعِلْمَ بِإِخْبَارِ اللَّهِ بِأَنَّهُ حَافِظٌ لِمَا أَنْزَلَ مِنَ الذِّكْرِ وَلِتَحْرِيمِهِ تَعَالَى الْحُكْمَ فِي الدِّينِ بِالظَّنِّ وَالْقَوْلِ عَلَيْهِ بِمَا لَا عِلْمَ لَنَا، وَلِإِخْبَارِهِ تَعَالَى أَنَّهُ {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] ، وَلَيْسَ الرُّشْدُ إِلَّا مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي فِعْلِهِ، وَلَيْسَ الْغَيُّ إِلَّا مَا لَمْ يُنْزِلْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، وَهَذَا قَوْلُنَا: انْتَهَى كَلَامُهُ.

[فصل استدلال ابن القيم على أن خبر الواحد يفيد العلم قطعا]
فَصْلٌ
وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا أَخْبَرَهُمُ الْوَاحِدُ وَهُمْ بِقِبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ أَنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ قَبِلُوا خَبَرَهُ وَتَرَكُوا الْحُجَّةَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وَاسْتَدَارُوا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَلَمْ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست