responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 549
ثُمَّ لِلنَّاسِ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ وَبِهَا طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَظَرِيٌّ، فَأَصْحَابُ الضَّرُورَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِحُصُولِ الْعِلْمِ لَهُمْ ضَرُورَةً عَلَى حُصُولِ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لَهُ، وَأَصْحَابُ النَّظَرِ يَعْكِسُونَ الْأَمْرَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ نَسْتَدِلُّ بِتَوَاتُرِ الْمُخْبِرِينَ عَلَى إِفَادَةِ الْعِلْمِ.
وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ أَعْلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَكُلُّ عَالِمٍ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَطُرُقِهَا وَنَقْلِهَا وَتَعَدُّدِهَا يَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينًّا لَا شَكَّ فِيهِ بَلْ يَجِدُ نَفْسَهُ مُضْطَرَّةً إِلَى ثُبُوتِهَا أَوَّلًا وَثُبُوتِ مُخْبِرِهَا ثَانِيًا، وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ هَذَيْنِ الْعِلْمَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ، الْعِلْمُ الْأَوَّلُ: يَنْشَأُ مِنْ جِهَةِ مَعْرِفَتِهِ بِطَرِيقِ الْأَحَادِيثِ وَتَعَدُّدِهَا وَتَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا، وَامْتِنَاعِ التَّوَاطُؤِ زَمَانًا وَمَكَانًا عَلَى وَضْعِهَا، وَالْعِلْمُ الثَّانِي: يَنْشَأُ مِنْ جِهَةِ إِيمَانِهِ بِالرِّسَالَةِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ صَادِقٌ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ.
وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِ الْأَطِبَّاءِ بِوُجُودِ بُقْرَاطَ وَجَالِينُوسَ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَفَاضِلِ الْأَطِبَّاءِ، وَأَعْظَمُ مِنْ عِلْمِ النُّحَاةِ بِوُجُودِ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ وَالْفَرَّاءِ وَعِلْمِهِمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ وَأَتْبَاعَهُمْ فِي غَايَةِ قِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَعَدَمِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ بَلْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَوْ يَظُنُّ أَنَّ الْمَرْوِيَّ فِيهِ حَدِيثٌ أَوْ حَدِيثَانِ كَمَا يَجِدُهُ لِأَكَابِرِ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ كَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرُّؤْيَةِ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثُ جَرِيرٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا مَا يُقَارِبُ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ " حَادِي الْأَرْوَاحِ ".
فَإِنْكَارُ هَؤُلَاءِ لِمَا عَلِمَهُ أَهْلُ الْوِرَاثَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ كَلَامِ نَبِيِّهِمْ أَقْبَحُ مِنْ إِنْكَارِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ عِنْدَ أَتْبَاعِهِمْ وَمَا يَعْلَمُ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ قَدْ تَطْرُقُ سَمْعَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَلَا تُفِيدُهُ عِلْمًا، لِأَنَّهُ لَمْ تَجْتَمِعْ طُرُقُهَا وَتَعَدُّدُهَا وَاخْتِلَافُ مَخَارِجِهَا مِنْ قِبَلِهِ، فَإِذَا اتَّفَقَ لَهُ إِعْرَاضٌ عَنْهَا أَوْ نَفْرَةٌ عَنْ رِوَايَتِهَا، بِإِحْسَانِ ظَنٍّ بِمَنْ قَالَ بِخِلَافِهَا أَوْ تَعَارُضِ خَيَالٍ شَيْطَانِيٍّ يَقُومُ بِقَلْبِهِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44] فَلَوْ كَانَتْ أَضْعَافَ ذَلِكَ لَمْ تُحَصِّلْ لَهُمْ إِيمَانَهُمْ وَلَا عِلْمًا. وَحُصُولُ الْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست