responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 520
وَبَيْنَ الْكِتَابِ مَرْتَبَتَانِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُجُودِ الْعِلْمِيِّ مَرْتَبَةُ اللَّفْظِ فَقَطْ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّفْظِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى.
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَكَوْنُ الرَّبِّ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ فِي الْكِتَابِ غَيْرُ كَوْنِ كَلَامِهِ فِي الْكِتَابِ، فَهَذَا شَيْءٌ وَهَذَا شَيْءٌ وَهَذَا شَيْءٌ، فَكَوْنُهُ فِي الْكِتَابِ هُوَ اسْمُهُ وَأَسْمَاءُ صِفَاتِهِ وَالْخَبَرُ عَنْهُ، وَهُوَ نَظِيرُ كَوْنِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ فِي الْكِتَابِ، إِنَّمَا ذَلِكَ أَسْمَاؤُهَا وَالْخَبَرُ عَنْهَا، وَأَمَّا كَوْنُ كَلَامِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَالصُّدُورِ فَهُوَ نَظِيرُ كَوْنِ كَلَامِ رَسُولِهِ فِي الْكِتَابِ وَفِي الصُّدُورِ، فَمَنْ سَوَّى بَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ، فَهُوَ مُلْبِسٌ أَوْ مَلْبُوسٌ عَلَيْهِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ يَتْلُوهَا رُسُلُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَوْنَهُ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ لَيْسَ مِثْلُهُ كَوْنَهُ فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي عِنْدَنَا، وَفِي الصُّحُفِ الَّتِي بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّ وُجُودَهُ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ هُوَ ذِكْرُهُ وَالْخَبَرُ عَنْهُ كَوُجُودِ رَسُولِهِ فِيهَا، قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157] فَوُجُودُ الرَّسُولِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَوُجُودُ الْقُرْآنِ فِيهِ وَاحِدٌ، فَمَنْ جَعَلَ وُجُودَ كَلَامِ اللَّهِ فِي الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.
وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يُحْتَاجَ إِلَى حَذْلَقَةِ مُتَحَذْلِقٍ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ وَإِضْمَارٍ وَتَقْدِيرُهُ (عِبَارَةُ كَلَامِ اللَّهِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ حِكَايَتُهُ) فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَفْهَمُ الْمُرَادَ بِذَلِكَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فَهْمُهُ عَلَى حَذْفٍ وَإِضْمَارٍ كَمَا لَا يَذْهَبُ وَهْمُهُ إِلَى أَنَّ صِفَةَ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْقَوْلَ الْقَائِمَ بِهِ الصَّوْتُ وَاللَّفْظُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ فَارَقَ ذَاتَهُ، وَانْفَصَلَ مِنْ مَحَلِّهِ، وَانْتَقَلَ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ.
هَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ مَشْهُودٌ لَا يُنَازِعُ فِيهِ مَنْ فَهِمَهُ إِلَّا عِنَادًا، لَكِنْ قَدْ لَا يَفْهَمُهُ بَعْضُ النَّاسِ لِفَرْطِ بَلَادَةٍ وَعَمَى قَلْبٍ أَوْ غَلَبَةِ هَوًى.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كِتَابًا مُفَصَّلًا مُحِيطًا بِالْكَائِنَاتِ، وَأَخْبَرَنَا بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَالْخَبَرُ عَنْهَا مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ فِي قَوْلِهِ: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12] وَالْإِمَامُ هُوَ الْكِتَابُ،

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست