responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 495
الْوُجُودِ، فَصِفَاتُهُ هِيَ صِفَاتُ اللَّهِ، وَكَلَامُهُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَصْلُ هَذَا الْمَذْهَبِ إِنْكَارُ مَسْأَلَةِ الْمُبَايَنَةِ وَالْعُلُوِّ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا أَصَّلُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَيْرُ مُبَايِنٍ لِهَذَا الْعَالَمِ الْمَحْسُوسِ صَارُوا بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا إِلَّا الْمُكَابَرَةُ.
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ مَعْدُومٌ لَا وُجُودَ لَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَكَانَ إِمَّا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَإِمَّا خَارِجًا عَنْهُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لِلْعَالَمِ أَوْ مُحَايِثًا لَهُ، إِمَّا دَاخِلًا فِيهِ وَإِمَّا خَارِجًا عَنْهُ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هُوَ عَيْنُ هَذَا الْعَالَمِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَلَا مُبَايِنًا لَهُ وَلَا حَالًّا فِيهِ، إِذْ هُوَ عَيْنُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يُنَافِي نَفْسَهُ وَلَا يُحَايِثُهَا، فَرَأَوْا أَنَّ هَذَا خَيْرٌ مِنْ إِنْكَارِ وَجُودِهِ وَبِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَرَأَوْا أَنَّ الْفِرَارَ مِنْ هَذَا إِلَى إِثْبَاتِ مَوْجُودٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ، لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجًا، وَلَا مُتَّصِلٌ بِهِ وَلَا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَلَا مُبَايِنٌ لَهُ وَلَا مُحَايِثٌ وَلَا فَوْقَهُ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ وَلَا خَلْفَهُ وَلَا أَمَامَهُ، فِرَارًا إِلَى مَا لَا يُسِيغُهُ عَقْلٌ وَلَا تَقْبَلُهُ فِطْرَةٌ وَلَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَرَّ بِرَبٍّ هَذَا شَأْنُهُ إِلَّا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ سَارِيًا فِيهِ حَالًّا فِيهِ، فَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ الْجَهْمِيَّةِ الْأَقْدَمِينَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ، فَيَكُونُ وُجُودُهُ سُبْحَانَهُ وُجُودًا عَقْلِيًّا، إِذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْأَعْيَانِ لَكَانَ إِمَّا عَيْنَ هَذَا الْعَالَمِ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ لَكَانَ إِمَّا بَائِنًا عَنْهُ أَوْ حَالًّا فِيهِ، كِلَاهُمَا بَاطِلٌ، فَثَبَتَ أَنَّهُ عَيْنُ هَذَا الْعَالَمِ، فَلَهُ حِينَئِذٍ كُلُّ اسْمٍ حَسَنٍ قَبِيحٍ، وَكُلُّ صِفَةِ كَمَالٍ وَنَقْصٍ، وَكُلُّ كَلَامٍ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.

[مذهب الفلاسفة المتأخرين]
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: مَذْهَبُ الْفَلَاسِفَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَتْبَاعِ أَرِسْطُو، وَهُمُ الَّذِينَ يَحْكِي ابْنُ سِينَا وَالْفَارَابِيُّ وَالطُّوسِيُّ قَوْلَهُمْ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ فَيْضٌ فَاضَ مِنَ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ عَلَى النُّفُوسِ الْفَاضِلَةِ الزَّكِيَّةِ بِحَسَبِ اسْتِعْدَادِهَا، فَأَوْجَبَ لَهَا ذَلِكَ الْفَيْضُ تَصَوُّرَاتٍ وَتَصْدِيقَاتٍ بِحَسَبِ مَا قَبِلَتْهُ مِنْهُ، لِهَذِهِ النُّفُوسِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ قُوًى: قُوَّةُ التَّصَوُّرِ وَقُوَّةُ التَّخْيِيلِ وَقُوَّةُ التَّعْبِيرِ، فَتُدْرِكُ بِقُوَّةِ تَصَوُّرِهَا مِنَ الْمَعَانِي مَا يَعْجِزُ عَنْهُ غَيْرُهَا، وَتُدْرِكُ بِقُوَّةِ تَخَيُّلِهَا شَكْلَ الْمَعْقُولِ فِي صُورَةِ الْمَحْسُوسِ، فَتَتَصَوَّرُ الْمَعْقُولَ صُوَرًا نُورَانِيَّةً تُخَاطِبُهَا وَتُكَلِّمُهَا بِكَلَامٍ تَسْمَعُهُ الْآذَانُ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَلَامُ اللَّهِ وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست