responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 485
وَالَّذِينَ قَبِلُوا اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَعْنَى يَهْبِطُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَمُرَادُهُ عَلَى مَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ وَمُلْكِهِ، أَيِ انْتَهَى عِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ إِلَى مَا تَحْتَ التَّحْتِ، فَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ هَذَا مَعْنَى اسْمِهِ الْمُحِيطِ وَاسْمِهِ الْبَاطِنِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ كُلِّهِ، وَأَنَّ الْعَالَمَ الْعُلْوِيَّ وَالسُّفْلِيَّ فِي قَبْضَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20] فَإِذَا كَانَ مُحِيطًا بِالْعَالَمِ فَهُوَ فَوْقَهُ بِالذَّاتِ عَالٍ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِكُلِّ مَعْنًى، فَالْإِحَاطَةُ تَتَضَمَّنُ الْعُلُوَّ وَالسَّعَةَ وَالْعَظَمَةَ، فَإِذَا كَانَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ فِي قَبْضَتِهِ فَلَوْ وَقَعَتْ حَصَاةٌ أَوْ دُلِّيَ بِحَبْلٍ لَسَقَطَ فِي قَبْضَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَالْحَدِيثُ لَمْ يُقَلْ فِيهِ إِنَّهُ يَهْبِطُ عَلَى جَمِيعِ ذَاتِهِ، فَهَذَا لَا يَقُولُهُ وَلَا يَفْهَمُهُ عَاقِلٌ، وَلَا هُوَ مَذْهَبُ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْبَتَّةَ، لَا الْحُلُولِيَّةُ وَلَا الِاتِّحَادِيَّةُ وَلَا الْفِرْعَوْنِيَّةُ وَلَا الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِذَاتِهِ، وَطَوَائِفُ بَنِي آدَمَ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ تَحْتَ الْعَالَمِ.
فَقَوْلُهُ " «وَلَوْ دُلِّيتُمْ بِحَبْلٍ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ» " إِذَا هَبَطَ فِي قَبْضَتِهِ الْمُحِيطَةِ بِالْعَالَمِ هَبَطَ عَلَيْهِ وَالْعَالَمُ فِي قَبْضَتِهِ وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَنَا أَمْسَكَ بِيَدِهِ أَوْ بِرِجْلِهِ كُرَةً قَبَضَتْهَا يَدُهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا ثُمَّ وَقَعَتْ حَصَاةٌ مِنْ أَعْلَى الْكُرَةِ إِلَى أَسْفَلِهَا لَوَقَعَتْ فِي يَدِهِ وَهَبَطَتْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ الْكُرَةُ وَالْحَصَاةُ فَوْقَهُ وَهُوَ تَحْتَهَا، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَإِنَّمَا يُؤْتَى الرَّجُلُ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِ أَوْ مِنْ سُوءِ قَصْدِهِ مِنْ كِلَيْهِمَا، فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا كَمُلَ نَصِيبُهُ مِنَ الضَّلَالِ.
وَأَمَّا تَأْوِيلُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِالْعِلْمِ فَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّةِ بَلْ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ، فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِحَاطَةِ، وَالْإِحَاطَةُ ثَابِتَةٌ عَقْلًا وَنَقْلًا وَفِطْرَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلَكِنْ لِيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ» ".
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْمَشْهُورِ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو رَزِينٍ كَيْفَ يَسَعُنَا وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَنَحْنُ جَمِيعٌ فَقَالَ " «سَأُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ: هَذَا الْقَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، كُلُّكُمْ يَرَاهُ مُخْلِيًا بِهِ، فَاللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ» "

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست