responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 478
وَلَا صِفَةٌ وَلَا جُزْءٌ مِنْهَا، فَإِنَّ الْخَالِقَ غَيْرَ الْمَخْلُوقِ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِيهَا مَحْصُورٍ بَلْ هِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مُبَايِنٌ لَهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ حَالًّا فِيهَا وَلَا مَحَلًّا لَهَا، فَهِيَ هَادِيَةٌ لِلْقُلُوبِ عَاصِمَةٌ لَهَا أَنْ يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِ {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَيْنُ الْمَخْلُوقَاتِ أَوْ حَالٌّ فِيهَا أَوْ مَحَلٌّ لَهَا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: إِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَلَا حَقِيقَتُهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُخْتَلِطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ مُمْتَزِجٌ بِهَا، وَلَا تَدُلُّ لَفْظَةُ (مَعَ) عَلَى هَذَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَضْلًا أَنْ يَكُونَ هُوَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَمَوْضُوعُهُ، فَإِنَّ (مَعَ) فِي كَلَامِهِمْ لِصُحْبَتِهِ اللَّائِقَةِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقَاتِهَا وَمَصْحُوبِهَا، فَكَوْنُ نَفْسِ الْإِنْسَانِ مَعَهُ لَوْنٌ، وَكَوْنُ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ مَعَهُ لَوْنٌ، وَكَوْنُ زَوْجَتِهِ مَعَهُ لَوْنٌ، وَكَوْنُ أَمِيرِهِ وَرَئِيسِهِ مَعَهُ لَوْنٌ، وَكَوْنُ مَالِهِ مَعَهُ لَوْنٌ، فَالْمَعِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي هَذَا كُلِّهِ مَعَ تَنَوُّعِهَا وَاخْتِلَافِهَا، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: زَوْجَتُهُ مَعَهُ وَبَيْنَهُمَا شُقَّةٌ بَعِيدَةٌ وَكَذَلِكَ يُقَالُ مَعَ فُلَانٍ دَارُ كَذَا وَضَيْعَتُهُ كَذَا، فَتَأَمَّلْ نُصُوصَ الْمَعِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29] وَقَوْلِهِ: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} [الحديد: 14] وَقَوْلِهِ: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83] وَقَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [البقرة: 249] {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التحريم: 8] {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] {وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [المائدة: 84] وَأَضْعَافُ ذَلِكَ، هَلْ يَقْتَضِي مَوْضِعٌ وَاحِدٌ مِنْهَا مُخَالَطَةً فِي الذَّوَاتِ الْتِصَاقًا وَامْتِزَاجًا، فَكَيْفَ تَكُونُ حَقِيقَةُ الْمَعِيَّةِ فِي حَقِّ الرَّبِّ تَعَالَى ذَلِكَ حَتَّى يُدَّعَى أَنَّهَا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى فِيهِمْ وَلَا مُلَاصِقَةٌ لَهُمْ، وَلَا مُخَالِطَةٌ وَلَا مُجَاوِرَةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَغَايَةُ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ (مَعَ) الْمُصَاحَبَةُ وَالْمُوَافَقَةُ وَالْمُقَارَنَةُ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَذَا الِاقْتِرَانُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِهِ يَلْزَمُهُ لَوَازِمٌ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: اللَّهُ مَعَ خَلْقِهِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، كَانَ مِنْ لِوَازِمِ ذَلِكَ عِلْمُهُ بِهِمْ وَتَدْبِيرُهُ لَهُمْ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست