responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 431
غِنَاهُ، وَالْعِزَّةِ إِلَى عِزَّتِهِ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الصِّفَاتِ، وَالْعَبْدُ إِذَا سَمَا بَصَرُهُ صُعُودًا إِلَى نُورِ الشَّمْسِ غُشِيَ دُونَ إِدْرَاكِهِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ غَايَةَ التَّعَذُّرِ، وَأَيُّ نِسْبَةٍ لِنُورِ الشَّمْسِ إِلَى نُورِ خَالِقِهَا وَمُبْدِعِهَا، وَإِذَا كَانَ نُورُ الْبَرْقِ يَكَادُ يَلْتَمِعُ الْبَصَرَ وَيَخْطِفُهُ وَلَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى إِدْرَاكِهِ، فَكَيْفَ بِنُورِ الْحِجَابِ فَكَيْفَ بِمَا فَوْقَهُ، وَالْأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَصِفَهُ وَاصِفٌ أَوْ يَتَصَوَّرَهُ عَاقِلٌ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّذِي أَشْرَقَتِ الظُّلُمَاتُ بِنُورِ وَجْهِهِ وَعَجَزَتِ الْأَفْكَارُ عَنْ إِدْرَاكِ كُنْهِهِ وَدَلَّتِ الْآيَاتُ وَشَهِدَتِ الْفِطَرُ بِاسْتِحَالَةِ شِبْهِهِ، فَلَوْلَا وَصْفُ نَفْسِهِ لِعِبَادِهِ لَمَا أَقْدَمُوا عَلَى وَصْفِهِ، فَهُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ وَأَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَفَوْقَ مَا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ.

[المثال السابع إثبات فوقية الله تعالى على الحقيقة]
الْمِثَالُ السَّابِعُ: مِمَّا ادَّعَى الْمُعَطِّلَةُ مَجَازَهُ (الْفَوْقِيَّةُ) وَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ مُطْلَقًا بِدُونِ حَرْفٍ وَمُقْتَرِنًا بِحَرْفٍ (فَالْأَوَّلُ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] فِي مَوْضِعَيْنِ (وَالثَّانِي) كَقَوْلِهِ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] وَفِي حَدِيثِ الْأَوَّلِ لَمَّا ذَكَرَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَذَكَرَ الْبَحْرَ الَّذِي فَوْقَهَا وَالْعَرْشَ فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاللَّهَ فَوْقَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَعْمَالُكُمْ، وَحَقِيقَةُ الْفَوْقِيَّةِ عُلُوُّ ذَاتِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ، فَادَّعَى الْجَهْمِيُّ أَنَّهَا مَجَازٌ فِي فَوْقِيَّةِ الرُّتْبَةِ وَالْقَهْرِ، كَمَا يُقَالُ الذَّهَبُ فَوْقَ الْفِضَّةِ وَالْأَمِيرُ فَوْقَ نَائِبِهِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا لِلرَّبِّ تَعَالَى، لَكِنَّ إِنْكَارَ حَقِيقَةِ فَوْقِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ وَحَمْلَهَا عَلَى الْمَجَازِ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَصْلَ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.
الثَّانِي: أَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ الْمَجَازِيَّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَرِينَةٍ تُخْرِجُهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ، فَأَيْنَ الْقَرِينَةُ فِي فَوْقِيَّةِ الرَّبِّ تَعَالَى؟
الرَّابِعُ: أَنَّ الْقَائِلَ إِذَا قَالَ: الذَّهَبُ فَوْقَ الْفِضَّةِ قَدْ أَحَالَ الْمُخَاطَبَ عَلَى مَا يَفْهَمُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، وَالْمُعْتَدُّ بِأَمْرَيْنِ عُهِدَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَكَانِ وَتَفَاوُتُهَا فِي الْمَكَانَةِ فَانْصَرَفَ الْخِطَابُ إِلَى مَا يَعْرِفُهُ السَّامِعُ، وَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِمْ عَهْدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي فَوْقِيَّةِ الرَّبِّ تَعَالَى حَتَّى يَنْصَرِفَ فَهْمُ السَّامِعِ إِلَيْهَا.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْعَهْدَ وَالْفِطَرَ وَالْعُقُولَ وَالشَّرَائِعَ وَجَمِيعَ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَالَمِ بِذَاتِهِ، فَالْخِطَابُ بِفَوْقِيَّتِهِ يَنْصَرِفُ إِلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست