responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 390
يَأْتِي إِلَى الْمُشْكِلِ فَيُوَضِّحُهُ وَيُبَيِّنُهُ، وَمِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْبَيَانُ وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ.
وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ غَايَةَ الْبَيَانِ الَّذِي لَا بَيَانَ فَوْقَهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ فَبَلَّغَ الْمَعَانِيَ كَمَا بَلَّغَ الْأَلْفَاظَ وَالصَّحَابَةُ بَلَّغُوا عَنْهُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، وَكَانَ تَبْلِيغُهُ لِلْمَعَانِي أَهَمَّ مِنْ تَبْلِيغِهِ لِلْأَلْفَاظِ وَلِهَذَا اشْتَرَكَ الصَّحَابَةُ فِي فَهْمِهَا، وَأَمَّا حِفْظُ الْقُرْآنِ فَكَانَ فِي بَعْضِهِمْ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا «الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ كَعُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا» .
وَهَذِهِ الْآثَارُ الْمَحْفُوظَةُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَقَالَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ: بِذَاتِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ وَأَكْثَرُ مَنْ صَرَّحَ أَئِمَّةُ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ أَلْفَاظِهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا احْتِمَالَ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ لِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنًى، فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَيَّنَ بِكَلَامِهِ مِنْهَا مَعْنًى وَاحِدًا وَنَوَّعَ الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ أَعْظَمَ تَنْوِيعٍ حَتَّى يُقَالَ بِذَلِكَ أَلْفُ دَلِيلٍ، فَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَا التَّابِعُونَ وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّهُ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى وَأَنَّهُ مَجَازٌ، فَلَا يَضُرُّ الِاحْتِمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ لَوْ كَانَ حَقًّا، وَلَمَّا سُئِلَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَقَبْلَهُمَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الِاسْتِوَاءِ فَقَالُوا: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، تَلَقَّى ذَلِكَ عَنْهُمْ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى صَرْفِهِ عَنْ حَقِيقَتِهِ إِلَى مَجَازِهِ وَلَا أَنَّهُ مُجْمَلٌ لَهُ مَعَ الْعَرْشِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنًى، وَقَدْ حَرَّفَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ لِلَّهِ، فَنَسَبُوا السَّائِلَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَشُكُّ هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ اسْتِوَاءَ نَفْسِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُهُ، وَلَمَّا رَأَى بَعْضُهُمْ فَسَادَ هَذَا التَّأْوِيلِ قَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ وُرُودَ لَفْظِهِ فِي الْقُرْآنِ مَعْلُومٌ، فَنَسَبُوا السَّائِلَ وَالْمُجِيبَ إِلَى اللُّغَةِ فَكَأَنَّ السَّائِلَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَلَمْ يَقُلْ هَلْ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْقُرْآنِ أَوْ لَا؟ وَنَسَبُوا الْمُجِيبَ إِلَى أَنَّهُ أَجَابَهُ بِمَا يَعْلَمُهُ الصِّبْيَانُ فِي الْمَكَاتِبِ وَلَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ، وَلَا هُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى السُّؤَالِ عَنْهُ وَلَا اسْتَشْكَلَهُ السَّائِلُ، وَلَا خَطَرَ بِقَلْبِ الْمُجِيبِ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست