responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 320
عَرْشِهِ، فَإِنَّ الْخَلْقَ فِعْلٌ، فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ حَادِثٌ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ خَلْقٌ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: خَلَقَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِلتَّعَلُّقِ الْعَدَمِيِّ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَبَيْنَهُ سُبْحَانَهُ.
وَابْنُ جِنِّي وَذَوُوهُ لَوِ اعْتَرَفُوا بِأَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ أَفْعَالًا حَقِيقَةً لَكَانَتْ كُلُّهَا مَجَازًا عِنْدَهُمْ لِمَا قَرَّرَهُ مِنْ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ وَالْجِنْسِ، وَأَمَّا أَنْ يَسْتَحْيُوا مِنَ الْعُقَلَاءِ وَيَقُولُوا: إِنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فَيَلْزَمُهُمُ التَّنَاقُضُ، وَهُوَ أَيْسَرُ الْإِلْزَامَيْنِ، فَالْأَفْعَالُ دَالَّةٌ عَلَى الْمَصَادِرِ الْمُطْلَقَةِ لَا الْعَامَّةِ، فَإِذَا الْتَزَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا مَجَازَاتٌ لِتَقْيِيدِهَا بِفَاعِلِيهَا كَانَ ذَلِكَ كَالْتِزَامِ أُولَئِكَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ إِذَا خُصَّتْ صَارَتْ مَجَازَاتٍ، فَكَمَا لَزِمَ أُولَئِكَ أَنْ تَكُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَجَازًا، لَزِمَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مَجَازًا، إِذْ تَقْيِيدُ هَذَا الْمُطْلَقِ قَدْ أَخْرَجَهُ عِنْدَهُمْ عَنْ مَوْضُوعِهِ، كَمَا أَنَّ تَخْصِيصَ ذَلِكَ الْعَامِّ قَدْ أَخْرَجَهُ عِنْدَ أُولَئِكَ عَنْ مَوْضُوعِهِ، وَالطَّائِفَتَانِ مُخْطِئَتَانِ أَقْبَحَ خَطَأٍ، فَاللَّفْظُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِالتَّخْصِيصِ وَلَا التَّقْيِيدِ، وَيَزِيدُهُ إِيضَاحًا:
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّفْظَ لَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ عَنْ مَوْضُوعِهِ لَكَانَ عِدَّةَ مَوْضُوعَاتٍ بِحَسَبِ تَعَدُّدِ قُيُودِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ حَقِيقَةٌ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ بَعْضِ الْمَحَالِّ وَبَعْضٍ، فَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ بَاطِلَانِ فَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي.
مِثَالُ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: قَامَ، فَيُفِيدُ إِثْبَاتَ الْقِيَامِ، وَيَقُولُونَ: مَا قَامَ فَيُفِيدُ انْتِفَاءَ الْقِيَامِ، وَيَقُولُونَ: أَقَامَ، فَيُفِيدُ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الِاسْتِفْهَامُ عَنْ وُجُودِ الْقِيَامِ، وَيَقُولُونَ: مَتَى قَامَ فَيُفِيدُ السُّؤَالَ عَنْ زَمَنِ قِيَامِهِ، وَيَقُولُونَ: أَيْنَ قَامَ فَيُفِيدُ السُّؤَالَ عَنْ مَكَانِ قِيَامِهِ، وَيَقُولُونَ: يَقُومُ فَيُفِيدُ عَنْ مَعْنَى قَامَ، وَيَقُولُونَ: قُمْ، فَيُفِيدُ عَنِ الْمَعْنَيَيْنِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْقُيُودِ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ: الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَقِيقَةً، وَإِذَا قُلْتَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا الْمُسْلِمِينَ كَانَ حَقِيقَةً، وَإِذَا قُلْتَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً كَانَ حَقِيقَةً، وَإِذَا قُلْتَ: مُؤْمِنَةً كَانَ حَقِيقَةً، وَكَذَلِكَ إِنْ زِدْتَ فِي تَقْيِيدِهَا: بَالِغَةً عَاقِلَةً عَرَبِيَّةً نَاطِقَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ، نُقِضَتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَقِيقَتِهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، فَهَكَذَا إِذَا قُلْتَ: رَكِبْنَا الْبَحْرَ فَهَاجَ بِنَا كَانَ حَقِيقَةً، فَإِذَا قُلْتَ: أَتَيْنَا الْبَحْرَ فَاقْتَبَسْنَا مِنْهُ عِلْمًا كَانَ حَقِيقَةً، وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ: خَرَجْنَا فِي السَّفَرِ، فَعَرَضَ لَنَا الْأَسَدُ، فَقَطَعَ عَلَيْنَا الطَّرِيقَ، كَانَ كَلَامًا بَيِّنًا بِنَفْسِهِ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ، فَإِذَا قُلْتَ: نَزَلْنَا عَلَى

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست