responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 246
الْجَبْرِيَّةُ، وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ قَابَلُوهُ بِالتَّصْدِيقِ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ، وَعَلِمُوا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَقَدْرِ نِعَمِهِ عَلَى خَلْقِهِ عَدَمَ قِيَامِ الْخَلْقِ بِحُقُوقِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، إِمَّا عَجْزًا وَإِمَّا جَهْلًا وَإِمَّا تَفْرِيطًا وَإِمَّا إِضَاعَةً وَإِمَّا تَقْصِيرًا فِي الْمَقْدُورِ مِنَ الشُّكْرِ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ حَقَّهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ، وَتَكُونَ قُوَّةُ الْقَلْبِ كُلِّهَا، وَقُوَّةُ الْإِنَابَةِ وَالتَّوَكُّلِ، وَالْخَشْيَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، جَمِيعِهَا مُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِ وَمُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَلْبُ عَاكِفًا عَلَى مَحَبَّتِهِ وَتَأَلُّهِهِ، بَلْ عَلَى إِفْرَادِهِ بِذَلِكَ اللِّسَانِ مَحْبُوسًا عَلَى ذِكْرِهِ، وَالْجَوَارِحِ وَقْفًا عَلَى طَاعَتِهِ، قَدِ اسْتَسْلَمَتْ لَهُ الْقُلُوبُ أَتَمَّ اسْتِسْلَامٍ، وَذَلَّتْ لَهُ أَكْمَلَ ذُلٍّ، وَخَضَعَتْ لَهُ أَعْظَمَ خُضُوعٍ، وَقَدْ فَنِيَتْ بِمُرَادِهِ وَمَحَابِّهِ عَنْ مُرَادِهَا وَمَحَابِّهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا مُرَادٌ مَحْبُوبٌ غَيْرُ مُرَادِهِ وَمَحْبُوبِهِ الْبَتَّةَ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مَقْدُورٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَكِنَّ النُّفُوسَ تَشِحُّ بِهِ، وَهِيَ فِي الشُّحِّ عَلَى مَرَاتِبَ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَكْثَرُ الْمُطِيعِينَ يَشِحُّ بِهِ مَنْ وَجْهٍ كَانَ أَتَى بِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَلَعَلَّ مَا لَا تَسْمَحُ بِهِ نَفْسُهُ أَكْثَرُ مِمَّا تَسْمَحُ بِهِ مَعَ فَضْلِ زُهْدِهِ وَعِبَادَتِهِ وَعِلْمِهِ وَوَرَعِهِ، فَأَيْنَ الَّذِي لَا يَقَعُ مِنْهُ إِرَادَةٌ تُزَاحِمُ إِرَادَةَ اللَّهِ وَمَا يُحِبُّهُ مِنْهُ، فَلَا يَعْثُرُ بِهِ غَفْلَةٌ وَاسْتِرْسَالٌ مَعَ حُكْمِ الطَّبِيعَةِ وَالْمِيلِ إِلَى دَاعِيهَا، وَتَقْصِيرٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُعْرِفَةً وَمُرَاعَاةً وَقِيَامًا بِهِ؟ وَمَنِ الَّذِي يَنْظُرُ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا إِلَى أَنَّهَا مِنَّةُ رَبِّهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، فَيَذْكُرُهُ بِهَا وَيُحِبُّهُ عَلَيْهَا، وَيَشْكُرُهُ عَلَيْهَا، وَيَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَيَعْتَرِفُ مَعَ ذَلِكَ بِقُصُورِهِ وَتَقْصِيرِهِ، وَأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَعْظَمُ مِمَّا أَتَى بِهِ، وَمَنِ الَّذِي يُوَفِّي حَقًّا وَاحِدًا مِنَ الْحُقُوقِ وَعُبُودِيَّةً وَاحِدَةً حَقَّهَا مِنَ الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ وَالنُّصْحِ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا، وَبَذْلِ الْجُهْدِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى مَا يَنْبَغِي لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ مِمَّا يُدْخِلُهُ عَلَى قَدَرِهِ الْعَبْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟ وَمَعَ هَذَا فَيَرَاهَا مَحْضَ مِنَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَفَضْلِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ رَبَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْحَمْدَ، وَأَنَّهُ لَا وَسِيلَةَ تُوُسِّلَ بِهَا إِلَى رَبِّهِ حَتَّى نَالَهَا، وَأَنَّهُ يُقَابِلُهَا بِمَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُقَابَلَ بِهِ مِنْ كَمَالِ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ، وَالْمَحَبَّةِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَيَمْحُو نَفْسَهُ مِنَ الْبَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ فِيهَا بِاللَّهِ لَا بِنَفْسِهِ وَلِلَّهِ لَا لِنَفْسِهِ؟ وَمَنِ الَّذِي لَمْ يَصْدُرُ مِنْهُ خِلَافُ مَا خُلِقَ لَهُ، وَلَوْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، مِنْ حَرَكَةِ نَفْسِهِ وَجَوَارِحِهِ، أَوْ يَتْرُكُ بَعْضَ مَا خُلِقَ لَهُ، أَوْ يُؤْثِرُ بَعْضَ حُظُوظِهِ وَمُرَادِهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ وَمَرْضَاتِهِ وَيُزَاحِمُهُ بِهِ؟

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست