responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 230
الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاعْتِدَالِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْحِكَمِ لِلْأَبْدَانِ وَالشَّجَرِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ، وَلَوْلَا تَعَاقُبُهُمَا لَفَسَدَتِ الْأَبْدَانُ وَالْأَشْجَارُ وَانْتَكَسَتْ.
ثُمَّ تَأَمَّلْ دُخُولَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِهَذَا التَّدْرِيجِ وَالتَّرَسُّلِ، فَإِنَّكَ تَرَى أَحَدَهُمَا يَنْقُصُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْآخَرُ يَزِيدُ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْتَهَاهُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَلَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَجْأَةً لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَبْدَانِ وَأَسْقَمَهَا، كَمَا لَوْ خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ مَكَانٍ شَدِيدِ الْحَرِّ إِلَى مَكَانٍ مُفْرِطٍ فِي الْبَرْدِ وَهْلَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِ جِدًّا، وَلَوْلَا الْحَرُّ لَمَا نَضِجَتْ هَذِهِ الثِّمَارُ الْمُرَّةُ الْعَفِنَةُ الْقَاسِيَةُ، وَلَا كَانَتْ تَلِينُ وَتَطِيبُ وَتَحْسُنُ وَتَصْلُحُ لِأَنْ يَتَفَكَّهَ بِهَا النَّاسُ رَطْبَةً وَيَابِسَةً.
وَتَأَمَّلِ الْحِكْمَةَ فِي خَلْقِ النَّارِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً كَالْمَاءِ وَالْهَوَاءِ لَكَانَتْ مُحْرِقَةً لِلْعَالَمِ وَمَا فِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ كَامِنَةً لَا سَبِيلَ إِلَى ظُهُورِهَا لَفَاتَتِ الْمَصْلَحَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْهَا، فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ جُعِلَتْ كَامِنَةً قَابِلَةً لِلظُّهُورِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَلِبُطْلَانِهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، فَجُعِلَتْ مَخْزُونَةً فِي مَحَلِّهَا تَخْرُجُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَتُمْسَكُ بِالْمَادَّةِ مِنَ الْحَطَبِ وَغَيْرِهِ مَا احْتِيجَ إِلَى بَقَائِهَا، تُخَبَّأُ إِذَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا، وَخُلِقَتْ عَلَى وَضْعٍ وَتَقْدِيرٍ اجْتَمَعَ فِيهِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَالسَّلَامَةُ مِنْ ضَرَرِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ - أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ - نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 71 - 73] .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ لَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْحَمْدُ سُبْحَانَهُ، لَا يَصْدُرُ مِنْهُ إِلَّا مَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ، وَحَمْدُ اللَّهِ عَلَى نَوْعَيْنِ، حَمْدًا يَسْتَحِقُّهُ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَحَمْدًا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى أَفْعَالِهِ كُلِّهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُنَافٍ لِلْحِكْمَةِ، إِذْ لَوْ كَانَ فِيهَا مَا هُوَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَحْمُودًا عَلَيْهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، فَحَمْدُهُ شَامِلٌ لِمَا شَمِلَهُ مُلْكُهُ، وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ حَمْدِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مُلْكِهِ، يُوَضِّحُهُ: الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ أَدِلَّةَ حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ، وَأَدِلَّةَ مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ مُتَلَازِمَانِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَكُلُّ مَا دَلَّ عَلَى عُمُومِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَمُلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْمُطْلَقِ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى عُمُومِ حَمْدِهِ وَحِكْمَتِهِ، إِذْ إِثْبَاتُ قُدْرَةٍ وَمُلْكٍ بِلَا حِكْمَةٍ وَلَا حَمْدٍ لَيْسَ كَمَالًا، وَكُلُّ مَا دَلَّ عَلَى عُمُومِ حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَإِنَّ الْحَمْدَ وَالْحِكْمَةَ إِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمَا كَمَالَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا كَمَالٌ مُطْلَقٌ، وَهَذَا بُرْهَانٌ قَطْعِيٌّ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست