responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 209
فَصْلٌ: الْقِيَامُ بِالنَّفْسِ صِفَةُ كَمَالٍ، فَالْقَائِمُ بِنَفْسِهِ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ غِنَاهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ فَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، وَهَذِهِ حَقِيقَةُ قَيُّومَيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَالْقَيُّومُ الْقَيُّومُ بِنَفَسِهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ، فَمَنْ أَنْكَرَ قِيَامَهُ بِنَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الْمَعْقُولِ فَقَدْ أَنْكَرُ قَيُّومِيَّتِهِ وَأَثْبَتَ لَهُ قِيَامًا بِالنَّفْسِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْعَدَمُ الْمَحْضُ، بَلْ جَعَلَ قَيُّومِيَّتَهُ أَمْرًا عَدَمِيًّا لَا وَصْفًا ثُبُوتِيًّا، وَهِيَ عَدَمُ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَحَلِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَحَلٍّ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: مَا تَعْنِي بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَحَلِّ؟ أَتَعْنِي بِهِ الْأَمْرَ الْمَعْقُولَ مِنْ قِيَامِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ الَّذِي يُفَارِقُ بِهِ الْعَرَضَ الْقَائِمَ بِغَيْرِهِ، أَمْ تَعْنِي بِهِ أَمْرًا آخَرَ؟ فَإِنْ عَنَيْتَ بِهِ الْأَوَّلَ فَهُوَ الْمَعْنَى الْمَعْقُولُ، وَالدَّلِيلُ قَائِمٌ وَالْإِلْزَامُ صَحِيحٌ ; وَإِنْ عَنَيْتَ بِهِ أَمْرًا آخَرَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُودِيًّا ; وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمِيًّا، فَإِنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَالْعَدَمُ لَا شَيْءَ كَاسْمِهِ، فَتَعُودُ قَيُّومِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ إِلَى لَا شَيْءَ؟ وَإِنْ عَنَيْتَ بِهِ أَمْرًا وُجُودِيًّا غَيْرَ الْمَعْقُولِ الَّذِي تَعْقِلُهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِيُنْظَرَ فِيهِ، هَلْ يَسْتَلْزِمُ الْمُبَايَنَةُ أَمْ لَا؟
فَصْلٌ: كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ رَبٍّ لِلْعَالَمِ مُدَبِّرٍ لَهُ، لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ بِمُبَايَنَتِهِ لِخَلْقِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَيْهِمْ، وَكُلُّ مَنْ أَنْكَرَ مُبَايَنَتَهُ وَعُلُوَّهُ لَزِمَهُ إِنْكَارُهُ وَتَعَطُّلُهُ، فَهَاتَانِ دَعْوَيَانِ فِي جَانِبِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ; أَمَّا الدَّعْوَى الْأُولَى فَإِنَّهُ أَوَّلًا أَقَرَّ بِالرَّبِّ، فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ لَهُ ذَاتًا وَمَاهِيَّةً مَخْصُوصَةً أَوْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَمْ يُقِرَّ بِالرَّبِّ، فَإِنَّ رَبًّا لَا ذَاتَ لَهُ وَلَا مَاهِيَّةَ لَهُ هُوَ وَالْعَدَمُ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ ذَاتًا مَخْصُوصَةً وَمَاهِيَّةً، فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِتَعْيِينِهَا أَوْ يَقُولَ إِنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؟ فَإِنْ قَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ كَانَتْ خَيَالًا فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ إِلَّا مُعَيَّنٌ، لَا سِيَّمَا وَتِلْكَ الذَّاتُ أَوْلَى مِنْ تَعْيِينِ كُلِّ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُ الشَّرِكَةِ فِيهَا وَأَنْ يُوجَدَ لَهَا نَظِيرٌ، فَتَعْيِينُ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَاجِبٌ، وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ لَا كُلِّيَّةٌ، وَالْعَالَمُ الْمَشْهُودُ مُعَيَّنٌ لَا كُلِّيٌّ، لَزِمَ قَطْعًا مُبَايَنَةُ أَحَدِ الْمُتَعَيَّنَيْنِ لِلْآخَرِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُبَايِنْهُ لَمْ يُعْقَلْ تَمَيُّزُهُ عَنْهُ وَتَعَيُّنُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: هُوَ يَتَعَيَّنُ بِكَوْنِهِ لَا دَاخِلًا فِيهِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ، قِيلَ: هَذَا وَاللَّهِ حَقِيقَةُ قَوْلِكُمْ ; وَهُوَ عَيْنُ الْمُحَالِ، وَهُوَ تَصْرِيحٌ مِنْكُمْ بِأَنَّهُ لَا ذَاتَ لَهُ وَلَا مَاهِيَّةَ تَخُصُّهُ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَاهِيَّةٌ يَخْتَصُّ بِهَا لَكَانَ تَعَيُّنُهَا لِمَاهِيَّتِهِ وَذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ، وَأَنْتُمْ إِنَّمَا جَعَلْتُمْ تَعَيُّنَهُ بِأَمْرٍ عَدَمِيٍّ مَحْضٍ وَنَفْيٍ صِرْفٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ، وَهَذَا التَّعْيِينُ لَا يَقْتَضِي وُجُودَهُ مِمَّا بِهِ يَصِحُّ عَلَى الْعَدَمِ الْمَحْضِ، وَأَيْضًا فَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَا يُعَيِّنُ الْمُتَعَيَّنِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ وَإِنَّمَا يُعَيِّنُهُ ذَاتُهُ الْمَخْصُوصَةُ وَصِفَاتُهُ، فَلَزِمَ قَطْعًا مِنْ إِثْبَاتِ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست