responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 187
بَيْنَ الْغِذَاءِ الْمُلَائِمِ وَالْمُنَافِي، فَفِي الْقُلُوبِ قُوَّةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَخَاصَّةُ الْعَقْلِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، كَمَا أَنَّ خَاصَّةَ السَّمْعِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأَصْوَاتِ حَسَنُهَا وَقَبِيحُهَا، وَخَاصَّةُ الْبَصَرِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْمَرْئِيَّاتِ وَأَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا وَمَقَادِيرِهَا، فَإِذَا ادَّعَيْتُمْ عَلَى الْعُقُولِ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْحَقَّ، وَأَنَّهَا لَوْ صُرِّحَ لَهَا بِهِ لَأَنْكَرَتْ وَلَمْ تُذْعِنْ إِلَى الْإِيمَانِ، فَقَدْ سَلَبْتُمُ الْعُقُولَ خَاصَّتَهَا وَقَلَبْتُمُ الْحَقِيقَةَ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ وَفَطَرَهَا عَلَيْهَا، وَكَانَ نَفْسُ مَا ذَكَرْتُمْ أَنَّ الرُّسُلَ لَوْ خَاطَبَتْ بِهِ النَّاسَ لَنَفَرُوا عَنِ الْإِيمَانِ مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ عَلَيْكُمْ، وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ، كَمَا هُوَ مُخَالِفٌ لِلسَّمْعِ وَالْوَحْيِ.
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْوَجْهَ فَإِنَّهُ كَافٍ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ، وَلِهَذَا إِذَا أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يَدْعُوا النَّاسَ إِلَيْهِ وَيَقْبَلُوهُ مِنْهُمْ وَطَّئُوا إِلَيْهِ تَوْطِيئَاتٍ، وَقَدَّمُوا لَهُ مُقَدِّمَاتٍ يُثْبِتُونَهَا فِي الْقَلْبِ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ، وَلَا يُصَرِّحُونَ بِهِ أَوَّلًا ; حَتَّى إِذَا أَحْكَمُوا ذَلِكَ الْبِنَاءَ اسْتَعَارُوا لَهُ أَلْفَاظًا مُزَخْرَفَةً، وَاسْتَعَارُوا الْمُخَالَفَةَ أَلْفَاظًا شَنِيعَةً، فَتَجْتَمِعُ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتُ الَّتِي قَدَّمُوهَا، وَتِلْكَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي زَخْرَفُوهَا ; وَتِلْكَ الشَّنَاعَاتُ الَّتِي عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ شَنَّعُوهَا، فَهُنَالِكَ إِنْ لَمْ يُمْسِكِ الْإِيمَانَ مَنْ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا، وَإِلَّا تَرَحَّلَ عَنِ الْقَلْبِ تَرُحُّلَ الْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: إِنَّ لَوَازِمَ هَذَا الْقَوْلِ مَعْلُومَةُ الْبُطْلَانِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ، وَبُطْلَانُ الْإِلْزَامِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ مَلْزُومِهِ ; فَإِنَّ مِنْ لَوَازِمِهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ خَبَرِ الرَّسُولِ عَنِ اللَّهِ فِي هَذَا الْبَابِ عِلْمٌ وَلَا هُدًى، وَلَا بَيَانُ الْحَقِّ فِي نَفْسِهِ، وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُتَضَمِّنًا لِضِدِّ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَمِنْ لَوَازِمِهِ الْقَدْحُ فِي مَعْرِفَتِهِ وَعِلْمِهِ، أَوْ فِي فَصَاحَتِهِ وَبَيَانِهِ أَوْ فِي فَصْحِهِ وَإِرَادَتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ مِرَارًا، وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَطِّلَةُ النُّفَاةُ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْهُ أَوْ أَنْصَحَ، وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ أَشْرَفُ الْكُتُبِ وَأَشْرَفُ الرُّسُلِ قَدْ قَصَّرَ فِي هَذَا الْبَابِ غَايَةَ التَّقْصِيرِ ; وَأَفْرَطَ فِي التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ غَايَةَ الْإِفْرَاطِ، وَتَنَوَّعَ فِي غَايَةِ التَّنَوُّعِ، فَمَرَّةً يَقُولُ: " أَيْنَ اللَّهُ "؟ وَمَرَّةً يُقِرُّ عَلَيْهَا مَنْ سَأَلَهُ وَلَا يُنْكِرُهَا، وَمَرَّةً يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ، وَمَرَّةً يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَأُذُنِهِ حِينَ يُخْبِرُ عَنْ سَمْعِ الرَّبِّ وَبَصَرِهِ، وَمَرَّةً يَصِفُهُ بِالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ وَالْإِتْيَانِ وَالِانْطِلَاقِ وَالْمَشْيِ وَالْهَرْوَلَةِ، وَمَرَّةً يُثْبِتُ لَهُ الْوَجْهَ وَالْعَيْنَ وَالْيَدَ وَالْأُصْبُعَ وَالْقَدَمَ وَالرِّجْلَ، وَالضَّحِكَ وَالْفَرَحَ وَالرِّضَا وَالْغَضَبَ، وَالْكَلَامَ وَالتَّكْلِيمَ وَالنِّدَاءَ بِالصَّوْتِ وَالْمُنَاجَاةَ، وَرُؤْيَتَهُ مُوَاجَهَةً عِيَانًا بِالْأَبْصَارِ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَمُحَاضَرَتَهُ لَهُمْ مُحَاضَرَةً، وَرَفْعَ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَتَجَلِّيهِ لَهُمْ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست