responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 155
لِلْحَوَادِثِ، وَمَا يَقْبَلُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ، فَالْأَجْسَامُ كُلُّهَا حَادِثَةٌ، فَإِذَنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهَا مُحْدِثٌ لَيْسَ بِجِسْمٍ، فَبَنَوُا الْعِلْمَ بِإِثْبَاتِ الصَّانِعِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى حُدُوثِهَا بِأَنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ، ثُمَّ قَالُوا: إِنَّ تِلْكَ أَعْرَاضٌ، وَالْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ، وَاحْتَاجُوا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ إِلَى إِثْبَاتِ الْأَعْرَاضِ أَوَّلًا، ثُمَّ إِثْبَاتِ لُزُومِهَا لِلْجِسْمِ ثَانِيًا، ثُمَّ إِبْطَالِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا ثَالِثًا، ثُمَّ إِلْزَامِ بُطْلَانِ حَوَادِثَ لَا نِهَايَةَ لَهَا رَابِعًا عِنْدَ فَرِيقٍ مِنْهُمْ، وَإِلْزَامُ الْفَرْقِ عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ، ثُمَّ إِثْبَاتُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ خَامِسًا، ثُمَّ إِلْزَامُ كَوْنِ الْعَرْضِ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ سَادِسًا، فَيَلْزَمُ حُدُوثُهُ وَالْجِسْمُ لَا يَخْلُو مِنْهُ وَمَا لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ، ثُمَّ إِثْبَاتُ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ السَّبْعَةِ فَلَزِمَهُمْ مِنْ سُلُوكِ هَذِهِ الطَّرِيقِ إِنْكَارُ كَوْنِ الرَّبِّ فَاعِلًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ سَمَّوْهُ فَاعِلًا بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ عِنْدَهُمْ فِعْلٌ، وَفَاعِلٌ بِلَا فِعْلٍ كَقَائِمٍ بِلَا قِيَامٍ، وَضَارِبٍ بِلَا ضَرْبٍ، وَعَالِمٍ بِلَا عِلْمٍ.
وَضَمَّ الْجَهْمِيَّةُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَامَ بِهِ صِفَةٌ لَكَانَ جِسْمًا، وَلَوْ كَانَ جِسْمًا لَكَانَ حَادِثًا، فَيَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ صِفَاتِهِ إِنْكَارُ ذَاتِهِ، فَعَطَّلُوا صِفَاتَهُ وَأَفْعَالَهُ بِالطَّرِيقِ الَّتِي أَثْبَتُوا بِهَا وُجُودَهُ، فَكَانَتْ أَبْلَغَ الطُّرُقِ فِي تَعْطِيلِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَعَنْ هَذَا الطَّرِيقِ أَنْكَرُوا عُلُوَّهُ عَلَى عَرْشِهِ وَتَكَلُّمَهُ بِالْقُرْآنِ وَتَكْلِيمَهُ لِمُوسَى، وَرُؤْيَتَهُ بِالْأَبْصَارِ فِي الْآخِرَةِ، وَنُزُولَهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، وَمَجِيئَهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ، وَغَضَبَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ مِثْلَهُ بَعْدَهُ، وَجَمِيعَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ وَصْفٍ ذَاتِيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ أَوْ فِعْلِيٍّ، فَأَنْكَرُوا وَجْهَهُ الْأَعْلَى، وَأَنْكَرُوا أَنَّ لَهُ يَدَيْنِ، وَأَنَّ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَحَيَاةً، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ حَقِيقَةً، وَإِنْ سُمِّيَ فَاعِلًا فَلَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ لِفِعْلٍ قَامَ بِهِ، بَلْ فِعْلُهُ هُوَ عَيْنُ مَفْعُولِهِ.
وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ لَمْ يُثْبِتُوا أَنَّهَا نُبُوَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُمْ بَنَوْهَا عَلَى مُجَرَّدِ طَرِيقِ الْعَادَةِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَحَارُوا فِي الْفَرْقِ فَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِمَا تُثْلَجُ لَهُ الصُّدُورُ، مَعَ أَنَّ النُّبُوَّةَ الَّتِي أَثْبَتُوهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى وَصْفٍ وَجُودِيٍّ بَلْ هِيَ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ الْأَزَلِيِّ بِالنَّبِيِّ، وَالتَّعَلُّقُ عِنْدَهُمْ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ، فَعَادَتِ النُّبُوَّةُ عِنْدَهُمْ إِلَى أَمْرٍ عَدَمِيٍّ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى صِفَةٍ ثُبُوتَيَّةٍ قَائِمَةٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَيْضًا فَحَقِيقَةُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ إِنْبَاءُ اللَّهِ لِرَسُولِهِ وَأَمْرُهُ تَبْلِيغَ كَلَامِهِ إِلَى عِبَادِهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ وَلَا يَقُومُ بِهِ كَلَامٌ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست