responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 150
جَازَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ النَّظَرَ فِي الْقَلْبِ مَجَازًا، وَالْكَلَامُ فِي تَحْرِيكِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ مَجَازًا، لَمْ يُسْتَقْبَحْ أَنْ يُقَالَ: قَالَ بِلِسَانِهِ وَنَظَرَ بِعَيْنِهِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ نَفْيَ احْتِمَالِ الْمَجَازِ، فَهَذِهِ مَزَلَّةُ الْقَدَمِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَتَسْمِيَةُ الْفَاعِلِ فَاعِلًا إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنَ اللُّغَةِ، وَإِلَّا فَقَدَ ظَهَرَ فِي الْعَقْلِ أَنَّ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّيْءِ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَكُونُ مُرِيدًا وَإِلَى مَا لَا يَكُونُ، فَوَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ حَقِيقَةً أَمْ لَا، إِذِ الْعَرَبُ تَقُولُ: النَّارُ تَحْرِقُ، وَالثَّلْجُ يُبْرِدُ، وَالسَّيْفُ يَقْطَعُ، وَالْخُبْزُ يُشْبِعُ، وَالْمَاءُ يَرْوِي، وَقَوْلُنَا: يَقْطَعُ مَعْنَاهُ يَفْعَلُ الْقَطْعَ، وَقَوْلُنَا: يَحْرِقُ مَعْنَاهُ يَفْعَلُ الْإِحْرَاقَ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ، فَأَنْتُمْ مُتَحَكِّمُونَ، قَالَ: وَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ، وَإِنَّمَا الْفِعْلُ الْحَقِيقِيُّ مَا يَكُونُ بِالْإِرَادَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا حَادِثًا تَوَقَّفَ حُصُولُهُ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا إِرَادِيٌّ وَالْآخَرُ غَيْرُ إِرَادِيٍّ، أَضَافَ الْعَقْلُ الْفِعْلَ إِلَى الْإِرَادِيِّ، فَكَذَا اللُّغَةُ، فَإِنَّ مَنْ أَلْقَى إِنْسَانًا فِي نَارٍ فَمَاتَ يُقَالُ: هُوَ الْقَاتِلُ دُونَ النَّارِ، حَتَّى إِذَا قِيلَ: مَا قَتَلَهُ إِلَّا فُلَانٌ كَانَ صِدْقًا، وَإِذَا كَانَ اسْمُ الْفَاعِلِ الْمُرِيدِ وَغَيْرِ الْمُرِيدِ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا بِطَرِيقِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا أَصْلًا وَالْآخَرِ مُسْتَعَارًا، فَلَمْ يُضِفِ الْقَتْلَ إِلَى الْمُرِيدِ لُغَةً وَعُرْفًا وَعَقْلًا، مَعَ أَنَّ النَّارَ هِيَ الْعِلَّةُ الْقَرِيبَةُ فِي الْعَقْلِ، وَكَانَ الْمُلْقِي لَمْ يَتَعَاطَ إِلَّا الْجَمْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْجَمْعُ بِالْإِرَادَةِ وَتَأْثِيرُ النَّارِ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ سُمِّيَ قَاتِلًا وَلَمْ تُسَمَّ النَّارُ قَاتِلَةً إِلَّا بِمَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْفَاعِلَ مَنْ يَصْدُرُ الْفِعْلُ عَنْ إِرَادَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مُرِيدًا عِنْدَهُمْ وَلَا مُخْتَارًا لِلْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ صَانِعًا وَلَا فَاعِلًا إِلَّا مَجَازًا.
فَإِنْ قِيلَ: نَحْنُ نَعْنِي بِكَوْنِ اللَّهِ فَاعِلًا أَنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُودِ كُلِّ مُوجِدٍ سِوَاهُ، وَأَنَّ الْعَالَمَ قَوَامُهُ بِهِ، وَلَوْلَا وُجُودُ الْبَارِي لَمَا تُصُوِّرَ وُجُودُ الْعَالَمِ، وَلَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الْبَارِي لَانْعَدَمَ الْعَالَمُ كَمَا لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الشَّمْسِ لَانْعَدَمَ الضَّوْءُ، فَهَذَا مَا نَعْنِيهِ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا، فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ يَأْبَى أَنْ يُسَمِّيَ هَذَا الْمَعْنَى فِعْلًا فَلَا مُشَاحَةَ فِي الْأَسَامِي بَعْدَ ظُهُورِ الْمَعْنَى.
قُلْنَا: غَرَضُنَا أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُسَمَّى فَعْلًا وَصُنْعًا، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بِالْفِعْلِ وَالصُّنْعُ مَا يَصْدُرُ عَنِ الْإِرَادَةِ حَقِيقَةً، وَقَدْ نَفَيْتُمْ حَقِيقَةَ مَعْنَى الْفِعْلِ، وَنَطَقْتُمْ بِلَفْظِهِ تَجَمُّلًا بِالْإِسْلَامِ، وَلَا يَتِمُّ الدِّينُ بِإِطْلَاقِ الْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي، فَصَرَّحُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَا فِعْلَ لَهُ حَتَّى يَتَّضِحَ أَنَّ مُعْتَقَدَكُمْ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَلْبِسُوا بِقَوْلِكُمْ: إِنَّ اللَّهَ صَانِعُ الْعَالَمِ، فَإِنَّ هَذِهِ لَفْظَةٌ أَطْلَقْتُمُوهَا وَنَفَيْتُمْ حَقِيقَتَهَا، وَمَقْصُودُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْكَشْفُ عَنْ هَذَا التَّلْبِيسِ فَقَطْ ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ:

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست