responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 126
وَأَوْحَاهُ وَعَرَّفَ بِهِ الرَّسُولَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعَرِّفَ الْأَمْرَ وَيُخْبِرَهُمْ بِهِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا صَحِيحًا حَتَّى يَكُونَ الْآخَرُ مُطَابِقًا لِمُخْبِرِهِ وَأَنَّ الْأَمْرَ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدَ شَهِدَ الْعَقْلُ لِخَبَرِ الرَّسُولِ بِأَنَّهُ صِدْقٌ وَحَقٌّ، فَعَلِمْنَا مُطَابَقَتَهُ لِمُخْبِرِهِ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، بِخَبَرِ الرَّسُولِ بِهِ وَشَهَادَةِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ بِأَنَّهُ لَا يَكْذِبُ فِي خَبَرِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ الْعَقْلِ عَنِ اللَّهِ بِمَا يُضَادُّ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ وَضَعَ فِيهِ ذَلِكَ وَعَلَّمَهُ إِيَّاهُ فَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ الرَّسُولُ بِصِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ، بَلْ شَهِدَ بِبُطْلَانِهِ فَلَيْسَ مَعَهُ إِلَّا شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ، فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ مَعَ عَدَمِ شَهَادَةِ الرَّسُولِ، فَكَيْفَ مَعَ تَكْذِيبِهِ لِلَّهِ؟ فَكَيْفَ مَعَ تَكْذِيبِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ الْمُؤَيَّدِ بِنُورِ الْوَحْيِ؟ فَكَيْفَ مَعَ اخْتِلَافِ سَائِرِ أَصْحَابِهِ وَتَكَاذُبِهِمْ وَتَنَاقُضِهِمْ؟ يَزِيدُهُ إِيضَاحًا:

[الاحتجاج بشهادة العقل وحده باطلة]
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: وَهُوَ أَنَّ الْأَدِلَّةَ السَّمْعِيَّةَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ دَلَّ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، فَهُوَ عَقْلِيٌّ سَمْعِيٌّ، فَمِنْ هَذَا غَالِبُ أَدِلَّةِ النُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ وَالصِّفَاتِ وَالتَّوْحِيدِ، وَمَا لَا يَقُومُ التَّنْبِيهُ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ مِنْهُ فَهُوَ يَسِيرٌ جِدًّا، وَإِذَا تَدَبَّرْتَ الْقُرْآنَ رَأَيْتَ هَذَا أَغْلَبَ النَّوْعَيْنِ عَلَيْهِ، وَهَذَا النَّوْعُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى مُعَارَضَتِهِ لِاسْتِلْزَامِهِ مَدْلُولَهُ وَانْتِقَالِ الذِّهْنِ فِيهِ مِنَ الدَّلِيلِ إِلَى الْمَدْلُولِ ضَرُورَةً وَهُوَ أَصْلُ النَّوْعِ الثَّانِي الدَّالِّ بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ، وَالْقَدَحُ فِي النَّوْعَيْنِ بِالْعَقْلِ مُمْتَنِعٌ بِالضَّرُورَةِ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِاسْتِلْزَامِ الْقَدْحِ فِيهِ: الْقَدْحَ فِي الْعَقْلِ الَّذِي أَثْبَتَهُ، وَإِذَا بَطَلَ الْعَقْلُ الَّذِي أَثْبَتَ السَّمْعَ بَطَلَ مَا عَارَضَهُ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ صِفَةٌ إِلَّا وَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ عَلَى إِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهَا دَلِيلُ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَارِضَ ثُبُوتَهَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ الْبَتَّةَ، لَا عَقْلِيٌّ وَلَا سَمْعِيٌّ، بَلْ إِنْ كَانَ الْمَعَارِضُ سَمْعِيًّا كَانَ كَذِبًا مُفْتَرًى أَوْ مِمَّا أَخْطَأَ الْمُعَارِضُ بِهِ فِي فَهْمِهِ، وَإِنْ كَانَ عَقْلِيًّا فَهِيَ شُبْهَةٌ خَيَالِيَّةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى عَظِيمَةٌ يُنْكِرُهَا كُلُّ جَهْمِيٍّ وَنَافٍ وَفَيْلَسُوفٍ، وَيَعْرِفُهَا مَنْ نَوَّرَ اللَّهُ قَلَبَهُ بِالْإِيمَانِ وَبَاشَرَ قَلْبَهُ مَعْرِفَةُ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ وَأَقَرَّتْ بِهِ الْفِطَرُ، وَشَهِدَتْ بِهِ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ لَا الْمَنْكُوسَةُ الْمَرْكُوسَةُ، وَقَدْ نَبَّهَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَبَيَّنَ أَنَّ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ هُوَ الْكَمَالُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ سِوَاهُ، فَجَاحِدُهُ جَاحِدٌ لِكَمَالِ الرَّبِّ تَعَالَى، فَإِنَّهُ تَمَدَّحَ بِكُلِّ صِفَةٍ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ وَأَثْنَى بِهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَمَجَّدَ بِهَا نَفْسَهُ، وَحَمِدَ بِهَا نَفْسَهُ، فَذَكَرَهَا سُبْحَانَهُ عَلَى وَجْهِ الْمِدْحَةِ لَهُ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست