responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 102
الْحَقِّ» ، وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ كَمَا سَيَأْتِي. فَلَمْ يَكْتَفِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ وَحْدَهُ، حَتَّى يَأْتِيَ بِالْيَمِينِ، تَقْوِيَةً لِشَاهِدِهِ. قَالُوا: وَنُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَضْعَفُ مِنْ شَاهِدِ الْمُدَّعِي، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُقَوَّى بِيَمِينِ الطَّالِبِ. فَإِنَّ النُّكُولَ لَيْسَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا إقْرَارًا، وَهُوَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ، فَلَمْ يَقْوَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ بِالْحُكْمِ، فَإِذَا حَلَفَ مَعَهَا الْمُدَّعِي قَوِيَ جَانِبُهُ، فَاجْتَمَعَ النُّكُولُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعِي، فَقَامَا مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي اللِّعَانِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهَا دُونَ يَمِينِ الزَّوْجِ، فَإِذَا حَلَفَ الزَّوْجُ، وَنَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ، حَكَمَ عَلَيْهَا: إمَّا بِالْحَبْسِ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعَنَ كَمَا يَقُولُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِمَّا بِالْحَدِّ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنَّمَا دَرَأَ عَنْهَا الْعَذَابَ بِشَهَادَتِهَا أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ: وَالْعَذَابُ الْمَدْرُوءُ عَنْهَا بِالْتِعَانِهَا هُوَ الْعَذَابُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] وَهُوَ عَذَابُ الْحَدِّ. وَلِهَذَا ذَكَرَهُ مُعَرَّفًا فَاللَّامُ الْعَهْدِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعَذَابَ هُوَ الْعَذَابُ الْمَعْهُودُ ذِكْرُهُ أَوَّلًا. وَلِهَذَا بُدِئَ أَوَّلًا بِأَيْمَانِ الزَّوْجِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ، وَمُكِّنَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَنْ تُعَارِضَ إيمَانَهُ بِأَيْمَانِهَا، فَإِذَا نَكَلَتْ لَمْ يَكُنْ لِأَيْمَانِهِ مَا يُعَارِضُهَا، فَعَمِلَتْ عَمَلَهَا، وَقَوَّاهَا نُكُولُ الْمَرْأَةِ، فَحَكَمَ عَلَيْهَا بِأَيْمَانِهِ وَنُكُولِهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَكَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَبْدَأَ بِأَيْمَانِهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَحُدَّتْ، كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا، فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي، وَيَقْضِي لَهُ، فَهَلَّا شُرِعَ اللِّعَانُ كَذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا؟ بَلْ شُرِعَتْ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوَّلًا، وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الدَّعَاوَى.
قِيلَ: لَمَّا كَانَ الزَّوْجُ قَاذِفًا لَهَا كَانَ مُوجِبُ قَذْفِهِ أَنْ يَحُدَّ لَهَا، فَمُكِّنَ أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ بِالْتِعَانِهِ، ثُمَّ طُولِبَتْ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ. فَإِنْ أَقَرَّتْ حُدَّتْ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ وَالْتَعَنَتْ دَرَأَتْ عَنْهَا الْحَدَّ بِلِعَانِهَا، كَمَا لَهُ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ بِلِعَانِهِ. وَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُدَّعٍ، وَأَيْمَانُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ.
وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ دُونَ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْقُوَّةِ مُكِّنَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ دَفْعِهَا بِأَيْمَانِهَا. فَإِذَا أَبَتْ أَنْ تَدْفَعَهَا تَرَجَّحَ جَانِبُهُ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، فَلَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ الْتِعَانِهِ، وَلَا بِمُجَرَّدِ نُكُولِهَا، بَلْ بِمَجْمُوعِ

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست