responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 68
نَفَاذَ لَهُ، آسِ النَّاسَ فِي مَجْلِسِك وَفِي وَجْهِك وَقَضَائِك، حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِك، وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِك، الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً فَاضْرِبْ لَهُ أَمَدًا يَنْتَهِي إلَيْهِ، فَإِنْ بَيَّنَهُ أَعْطَيْتَهُ بِحَقِّهِ، وَإِنْ أَعْجَزَهُ ذَلِكَ اسْتَحْلَلْت عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ وَأَجْلَى لِلْعَمَاءِ، وَلَا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْت فِيهِ الْيَوْمَ فَرَاجَعْت فِيهِ رَأْيَك فَهُدِيت فِيهِ لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، أَوْ مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى مِنْ الْعِبَادِ السَّرَائِرَ، وَسَتَرَ عَلَيْهِمْ الْحُدُودَ إلَّا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ، ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أَدْلَى إلَيْك مِمَّا وَرَدَ عَلَيْك مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، ثُمَّ قَايِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعْرَفْ الْأَمْثَالَ، ثُمَّ اعْمِدْ فِيمَا تَرَى إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ، وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ وَالْقَلِقَ وَالضَّجِرَ وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ عِنْدَ الْخُصُومَةِ، أَوْ الْخُصُومِ، شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ؛ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ مِمَّا يُوجِبُ اللَّهُ بِهِ الْأَجْرَ، وَيُحْسِنُ بِهِ الذِّكْرَ، فَمَنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهُ فِي الْحَقِّ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَّيَّنَ بِمَا لَيْسَ فِي نَفْسِهِ شَانَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعِبَادِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا، فَمَا ظَنُّك بِثَوَابٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقُلْت لِكَثِيرٍ: هَلْ أَسْنَدَهُ جَعْفَرٌ؟ قَالَ: لَا.
وَهَذَا كِتَابٌ جَلِيلٌ تَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ أُصُولَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ، وَالْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي أَحْوَجُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَإِلَى تَأَمُّلِهِ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ.
[شَرْحُ كِتَابِ عُمَرَ فِي الْقَضَاءِ]
وَقَوْلُهُ: " الْقَضَاءُ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ " يُرِيدُ بِهِ أَنَّ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: فَرْضٌ مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ، كَالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي أَحْكَمَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.
وَالثَّانِي: أَحْكَامٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَانِ النَّوْعَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْهُ.
وَرَوَاهُ بَقِيَّةٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى جَمْعًا مِنْ النَّاسِ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ عَلَّامَةٌ، قَالَ: وَمَا الْعَلَّامَةُ؟ قَالُوا: أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِعَرَبِيَّةٍ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِشَعْرٍ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعَرَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ» وَقَالَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست