responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 55
مِنْ تَقْدِيمِ الرَّأْيِ عَلَى الْوَحْيِ، وَالْهَوَى عَلَى الْعَقْلِ، وَمَا اسْتَحْكَمَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ الْفَاسِدَانِ فِي قَلْبٍ إلَّا اسْتَحْكَمَ هَلَاكُهُ، وَفِي أُمَّةٍ إلَّا فَسَدَ أَمْرُهَا أَتَمَّ فَسَادٍ، فَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَمْ نُفِيَ بِهَذِهِ الْآرَاءِ مِنْ حَقٍّ، وَأُثْبِتَ بِهَا مِنْ بَاطِلٍ، وَأُمِيتَ بِهَا مِنْ هُدًى، وَأُحْيِيَ بِهَا مِنْ ضَلَالَةٍ؟ وَكَمْ هُدِمَ بِهَا مِنْ مَعْقِلِ الْإِيمَانِ، وَعُمِّرَ بِهَا مِنْ دِينِ الشَّيْطَانِ؟ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ هُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْآرَاءِ الَّذِينَ لَا سَمْعَ لَهُمْ وَلَا عَقْلَ، بَلْ هُمْ شَرٌّ مِنْ الْحُمُرِ، وَهُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10] .
النَّوْعُ الرَّابِعُ: الرَّأْيُ الَّذِي أُحْدِثَتْ بِهِ الْبِدَعُ، وَغُيِّرَتْ بِهِ السُّنَنُ، وَعَمَّ بِهِ الْبَلَاءُ، وَتَرَبَّى عَلَيْهِ الصَّغِيرُ، وَهَرَمَ فِيهِ الْكَبِيرُ.
فَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الرَّأْيِ الَّذِي اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى ذَمِّهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ الدِّينِ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّأْيَ الْمَذْمُومَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الدِّينِ بِالِاسْتِحْسَانِ وَالظُّنُونِ، وَالِاشْتِغَالُ بِحِفْظِ الْمُعْضِلَاتِ وَالْأُغْلُوطَاتِ وَرَدِّ الْفُرُوعِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ قِيَاسًا، دُونَ رَدِّهَا عَلَى أُصُولِهَا وَالنَّظَرِ فِي عِلَلِهَا وَاعْتِبَارِهَا، فَاسْتُعْمِلَ فِيهَا الرَّأْيُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ، وَفُرِّعَتْ وَشُقِّقَتْ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ، وَتُكُلِّمَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بِالرَّأْيِ الْمُضَارِعِ لِلظَّنِّ، قَالُوا: وَفِي الِاشْتِغَالِ بِهَذَا وَالِاسْتِغْرَاقِ فِيهِ تَعْطِيلُ السُّنَنِ، وَالْبَعْثُ عَلَى جَهْلِهَا، وَتَرْكُ الْوُقُوفِ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعَانِيهِ، احْتَجُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ بِأَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ طَرِيقِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى ثنا شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ؛ فَإِنِّي سَمِعْت عُمَرَ يَلْعَنُ مَنْ يَسْأَلُ عَمَّا لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيّ ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَهَى عَنْ الْأُغْلُوطَاتِ» .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ: فَسَّرَهُ الْأَوْزَاعِيُّ يَعْنِي صِعَابَ الْمَسَائِلِ وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ قَيْسٍ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ «أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْمَسَائِلَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَضْلِ الْمَسَائِلِ» .
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سَهْلٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست