responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 86
{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] وَاللَّفْظُ لَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَخْرُجَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ عَنْ قَضِيَّتِهَا كَمَا تَقُولُ إنَّ زَيْدًا يَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، فَلَيْسَ غَرَضُك أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ جَمِيعِ الْمَنَاكِيرِ، وَإِنَّمَا تُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْخَصْلَةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ وَحَاصِلَةٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءِ الْعُمُومِ. قُلْت إذَا قُلْنَا: الْمُفْرَدُ الْمُعَرَّفُ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ لِلْعُمُومِ.
فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَخْرُجَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ عَنْ قَضِيَّتِهَا. هَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْعُمُومَ فِي الْمُنْكَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا فِي الْمُصَلِّينَ فَتَمْثِيلُ الزَّمَخْشَرِيِّ مُطَابِقٌ. لَكِنَّ تَصْرِيحَهُ بِأَنَّ " الْمُنْكَرَ " لَيْسَ لِلْعُمُومِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؟ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعُمُومَ فِي الْمُنْكَرِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ الْمُصَلِّينَ إذَا صَدَرَ عَنْهُمْ مُنَاكِرُ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّخْصِيصُ فِي الْمُنْكَرِ، وَهَذَا كَمَا نُقَرِّرُهُ فِي أَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ إلَّا إذَا اقْتَضَى تَخْصِيصَ الْأَشْخَاصِ، قَوْلُهُ {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56] تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْعَامِلِ فِيهِ وَهُوَ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ بَعْدَهُ قِيلَ فَاعْبُدُونِ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِضَمِيرِهِ انْتَهَى

[قَوْله تَعَالَى إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ]
(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] اُسْتُشْكِلَ كَوْنُ " أَحْلَلْنَا " جَوَابًا لِلشَّرْطِ أَوْ دَلِيلَ الْجَوَابِ، لِكَوْنِهِ مَاضِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَأَقُولُ إنَّ (أَحْلَلْنَا) فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْإِحْلَالُ وَهُوَ إنْشَاءُ الْحِلِّ، أَوْ الْإِخْبَارُ عَنْهُ، وَهُوَ مَاضِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالشَّرْطِ، وَالثَّانِي الْحِلُّ الْمُنْشَأُ، وَهُوَ الَّذِي عُلِّقَ بِالشَّرْطِ؛ وَكَذَلِكَ الْمُقَيَّدُ بِالظُّرُوفِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا اضْرِبْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَيْسَ الْمَظْرُوفُ فِعْلَ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ نَاجِزٌ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَإِنَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ظَرْفٌ لِلضَّرْبِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْنَا لَك حِلًّا هَذِهِ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ مَاضِيَاتٍ كُنَّ أَوْ مُسْتَقْبِلَاتٍ؛ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْك كَذَلِكَ، وَبَنَاتِ عَمِّك إلَى آخِرِهَا كَذَلِكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً مِنْ صِفَتِهَا كَذَا، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أُبِيحَتْ لَك فُلَانَةُ إنْ تَزَوَّجْتهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ. وَمِنْ هُنَا وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ نَشَأَ الْخِلَافُ فِي بِعْتُك إنْ شِئْت، فَقِيلَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُعَلَّقُ؛ وَظَاهِرُ اللَّفْظِ تَعْلِيقُ الْمَبِيعِ الْإِنْشَائِيِّ عَلَى الْمَشِيئَةِ، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، إمَّا لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ شِئْت فَاقْبَلْ فَلَا يَكُونُ " بِعْتُك " جَوَابًا وَلَا دَلِيلَ الْجَوَابِ، وَأَمَّا لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِعْتُك بَيْعًا تَامًّا، وَتَمَامُ الْبَيْعِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقَبُولِ. فَيَكُونُ " بِعْتُك " الْمُتَقَدِّمُ جَوَابًا وَدَلِيلَ الْجَوَابِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست