responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 53
وَبَيْنَ الْخَلْقِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَهُ حَظٌّ مِنْ الْمِسَاحَةِ لِمَا فِي الْخَلْقِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَالْإِبْدَاعُ يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا حَظَّ لَهُ فِي الْمِسَاحَةِ، وَهِيَ الْمَعَانِي الْمُجَرَّدَةُ وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُ الْمُجَرَّدَاتِ الْمُمْكِنَاتِ وَهُمْ الْحُكَمَاءُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا]
(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَسْأَلَةِ " أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " جَرَّ إلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَسَّرَ لَنَا الْعِلْمَ وَأَعَانَنَا عَلَيْهِ، وَنَصَرَنَا بِطَرِيقِ الْهُدَى وَأَرْشَدَنَا إلَيْهِ.
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي حَصَّلَ لَنَا كُلَّ خَيْرٍ مِنْ فَيْضِ يَدَيْهِ؛ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَبَعْدُ فَقَدْ عَلِمْت مَا ذَكَرْته وَفَّقَكَ اللَّهُ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَكَلَّمُوا فِي مَسْأَلَةِ " أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَقَالُوا إنَّ الشَّافِعِيَّةَ يُكَفِّرُونَ بِذَلِكَ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْخِلَافِ مَا يُفْضِي إلَى تَكْفِيرٍ وَلَا تَبْدِيعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي الْفُرُوعِ فَإِنَّهُمْ جَمِيعُهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَالْخِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ إنَّمَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ يَرْجِعُ الْخِلَافُ فِيهَا إلَى أَمْرٍ لَفْظِيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كُفْرٌ وَلَا بِدْعَةٌ. نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا بَلَغَنِي مَقَالَتَهُ تَأَلَّمْت لِذَلِكَ وَاسْتَهْجَنْت قَوْلَ قَائِلِهِ وَعَذَرْته بَعْضَ الْعُذْرِ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى خَلْفَ شَاكٍّ فِي إيمَانِهِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ هَذَا الْكَلَامَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِقَائِلِهِ إنَّمَا صَدَرَ مِنْ مُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ إذَا حَقَّقَ الْبَحْثَ مَعَهُمْ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ لَفْظِيٍّ، وَمَا أَرَادُوهُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَرْجِعُ إلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مِمَّنْ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا أَرَادُوهُ بِهِ. وَأَئِمَّتُهُمْ الْمُتَقَدِّمُونَ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْهُمْ ذَلِكَ. وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ إنْكَارُ قَوْلِ الْمُؤْمِنِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ مِثْلُ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَكَيْفَ يَقُولُ ذَلِكَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الَّذِي هُوَ أَصْلُ مَذْهَبِهِ وَشَيْخُ شَيْخِ شَيْخِ شَيْخِهِ قَدْ اُشْتُهِرَ عَنْهُ ذَلِكَ. وَلَقَدْ كَانَ أَوَّلُ مَا عَلِمْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَنَا صَبِيٌّ، رُبَّمَا كَانَ عُمْرِي عَشْرَ سِنِينَ، رَأَيْتهَا فِي كِتَابِ الْمَعَالِمِ لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الْخَطِيبِ مَنْسُوبَةً إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُهُ " أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْكُلَّابِيَّةُ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَكَانَ صَاحِبُهُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيَّ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست