responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 259
وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَوْطِنًا أَمْ مُسَافِرًا حَتَّى إنَّ الْآفَاقِيَّ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ.
قَالَ: وَإِنْ عَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ عَلَى مَنْ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ ثُمَّ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَاسْتَدَلَّ لِلُزُومِ الدَّمِ بِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَفْسِ مَكَّةَ أَوْ كَانَ مُسْتَوْطِنًا حَوَالَيْهَا.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَخِيرًا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَإِذَا صَحَّ مَا ذَكَرَهُ حَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَاسْتَبْعَدَ الرَّافِعِيُّ هَذَا الثَّالِثَ جِدًّا وَهُوَ كَمَا اسْتَبْعَدَ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ لُزُومَهُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ لُزُومَ الدَّمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ.
وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ مُطْلَقًا فَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ اتِّفَاقُهُمْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ مَنْ بِمَكَّةَ مُقِيمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا سَافَرَ إلَى بَعْضِ الْبِلَادِ وَاسْتَوْطَنَ بِهَا أَوْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ فَإِذَا جَاءَ إلَى مَكَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمُتَوَلِّي وَذَلِكَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَكَمَا فُسِّرَ أَهْلُ مَكَّةَ بِمَنْ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَاقِيتِ فَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّمَتُّعِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ فِي الْمَوَاقِيتِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» «وَأَمَرَ الْمُتَمَتِّعِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَوْطِنِينَ بِهَا وَلَا مُقِيمِينَ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ مُجَرَّدُ الْكَوْنِ. وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ.
وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَذَكَرَ أَهْلَ الشَّخْصِ كِنَايَةً عَنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ كَمَا سَبَقَ فَاتَّبَعْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ ذِي طِوًى حُكْمُ مَكَّةَ فِي التَّمَتُّعِ وَلَيْسَتْ حُكْمَهَا فِي الْمِيقَاتِ. فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ هَلْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ هُوَ مُنْفَرِدٌ بِذَلِكَ وَمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَمَا فَائِدَتُهُ؟ قُلْت: إذَا أُخِذَ تَفْسِيرُ الْغَزَالِيِّ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا كَانَ الْمُرَادَ بِالتَّفْصِيلِ فَإِنَّ عَكْسَهُ يَقْتَضِي أَنْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ أَكْثَرَ لَيْسَ بِحَاضِرٍ مُسْتَوْطِنًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا وَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا خَرَجَ إلَى بَعْضِ الْآفَاقِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ ثُمَّ رَجَعَ وَتَمَتَّعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَاضِرٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ الدَّمُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست