responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 19
{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] فَاسْتَغْنَى فِي تَقْلِيلِهَا بِدَلَالَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهَا لِجَمْعِ الْقِلَّةِ، وَقِيلَ مَعْدُودَةً لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ مَعْدُودَاتٍ وَذَلِكَ أَبْلُغُ فِي بُهْتِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ فَقَالَ {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ} [البقرة: 80] إلَى آخِرِهِ، وَفِي آلِ عِمْرَانَ {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: 23 - 24] " وَمَعْدُودَاتٍ " قَدْ يُرَادُ بِهَا تِسْعٌ إذَا جُعِلَتْ جَمْعُ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَإِذَا كَانُوا غَرَّهُمْ افْتِرَاؤُهُمْ أَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمْ النَّارُ إلَّا تِسْعًا فَلَأَنْ يَغُرَّهُمْ افْتِرَاؤُهُمْ أَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمْ النَّارُ إلَّا ثَلَاثًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وقَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] قَصَدَ وَصْفَ كُلٍّ مِنْهَا بِذَلِكَ وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] فَوَصْفُ كُلٍّ مِنْهَا بِذَلِكَ أَبْلَغُ وَأَكْثَرُ تَعْظِيمًا لَهَا مِنْ جَعْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً مَعْلُومَةً وَمَعْدُودَةً وَالْأَصْلُ فِيمَا قُلْنَاهُ أَنَّ تَأْنِيثَ الْجَمْعِ لِتَأَوُّلِهِ بِالْجَمَاعَةِ وَهِيَ شَيْءٌ مُجْتَمَعٌ؛ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ إنَّمَا حُكِمَ عَلَى صِفَةٍ شَامِلَةٍ لَهُ وَهِيَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ؛ وَأَمَّا ذَاتُ الْجَمْعِ نَفْسِهِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْآحَادِ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ حُكْمٌ عَلَى الْآحَادِ فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِهَذِهِ الْفَائِدَةِ تَفْهَمْ بِهَا مَا قَالَهُ النُّحَاةُ وَإِنْ لَمْ يُبْدُوا سِرَّهُ وَيَنْفَتِحُ لَك بِهَا مَبَاحِثُ أُصُولِيَّةٌ وَنَحْوِيَّةٌ وَفَوَائِدُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، بَقِيَ عَلَيْنَا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: كَيْفَ جَازَ وَصْفُ الثَّلَاثَةِ بِأَنَّهَا مَعْلُومَاتٌ؛ وَمَعْلُومَاتٌ جَمْعُ مَعْلُومَةٍ وَوَاحِدُ الْأَشْهُرِ مُذَكَّرٌ فَلَا يَصِحُّ مَعْلُومَاتٌ إلَّا عَلَى تِسْعَةٍ؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَشْهُرَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ تَرِدَ عَلَى مَعْلُومَاتٍ فِي وَصْفِ الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: فَيَلْزَمُ جَوَازُ وَصْفِ الشَّهْرِ الْوَاحِدِ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ احْتَمَلَ مَعَ الْجَمْعِ وَلَا يَلْزَمُ احْتِمَالُهُ مَعَ الْمُفْرَدِ لِتَنَافُرِ اللَّفْظِ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] الْمَقْصُودُ التَّقْبِيحُ عَلَى مَنْ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْبِرِّ أَنْ يَتْرُكَ نَفْسَهُ مِنْهُ وَيُنْشِدُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَا تَأْكُلْ السَّمَكَ وَتَشْرَبَ اللَّبَنَ إذَا نَصَبْتَ وَتَشْرَبَ وَقَدْ ذَكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَعِنْدِي فِيهِ زِيَادَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَهَى عَنْ شَيْئَيْنِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ آخَرَ فَذَلِكَ عَلَى أَقْسَامٍ، أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَاحًا غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَالْمَحْذُورُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُزْءُ عِلَّةٍ فِي الْكَرَاهَةِ، كَأَكْلِ السَّمَكِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ، الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَحْمُودًا وَالْآخَرُ مَذْمُومًا وَلَكِنْ ذَمُّهُ مَعَ الْمَحْمُودِ أَعْظَمُ مِنْ ذَمِّهِ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] فَالْأَمْرُ بِالْبِرِّ حَسَنٌ صِرْفٌ وَوَاجِبٌ،

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست