responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 137
[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
ِ (مَسْأَلَةٌ) فِي قَوْله تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] مَحَبَّتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَأَنْ يُوَجَّهَ إلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ إبْرَاهِيمَ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يُعَظِّمُونَهَا فَيُرْجَى إسْلَامُهُمْ بِهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَيَنْبَغِي الْحِرْصُ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ عَلَى أَبْلَغِ وُجُوهِ الْكَمَالِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ الثَّالِثَةُ لَمْ أَجِدْهَا مَنْقُولَةً وَلَكِنْ اسْتَنْبَطْتُهَا وَإِنَّمَا قُلْت إنَّ التَّوَجُّهَ لِلْكَعْبَةِ أَفْضَلُ لِأَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا أَطْوَلُ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي أَوْجَبَ فِيهِ التَّوَجُّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكُلُّ مَا كَانَ طَلَبُهُ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ وَلِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالنَّاسِخُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْسُوخِ وَعَلَى هَذَا نَقُولُ: صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ إلَى الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ كَانَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ فَاضِلًا وَاجِبًا وَهَذَا شَيْءٌ يَقْتَضِي الْحِرْصَ عَلَى طَلَبِهِ مَعَ مَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَقَّعُهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِتَحْوِيلِهِ إلَى الْكَعْبَةِ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقِرَّةِ لَا يَطْلُبُ تَغْيِيرَهَا. فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الْحِرْصُ عَلَى التَّحْوِيلِ إلَى الْكَعْبَةِ طَلَبًا لِكَمَالِ الصَّلَاةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْفَضْلِ فَلِمَ لَا طَلَبَ الرُّجُوعَ إلَى مَكَّةَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا عِنْدَكُمْ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَدِينَةِ؟ قُلْت: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُهَاجِرِينَ فَلَا نَقُولُ: إنَّ صَلَاتَهُمْ بِالْمَدِينَةِ تَنْقُصُ عَنْ صَلَاتِهِمْ بِمَكَّةَ بَلْ هِيَ مِثْلُهَا وَيَحْصُلُ لَهُمْ الْأَجْرُ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُمْ أُخْرِجُوا مِنْهَا كَرْهًا فَيَسْتَمِرُّ لَهُمْ ذَلِكَ الْأَجْرُ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» .
وَهَكَذَا نَقُولُ لَوْ أَنَّ شَخْصًا مِنْ الْمُجَاوِرِينَ فِي مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أُخْرِجَ كَرْهًا كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي غَيْرِهَا كَصَلَاتِهِ فِيهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ. فَإِنْ قُلْت: هَذَا يَسْتَمِرُّ لَكُمْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّا بَعْدَ الْفَتْحِ فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ الْإِقَامَةُ بِهَا. قُلْت: الْمُهَاجِرُونَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا لِلَّهِ: تَعَالَى وَشَيْءٌ تُرِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُرْجَعُ فِيهِ فَكَانُوا فِي حُكْمِ الْمَمْنُوعِينَ مِنْهَا فَكَذَلِكَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الْأَجْرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَرَتْ فِي الْمِيعَادِ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِرَسُولِهِ وَهَدَانَا

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست